كيف تُحلّ المشاكل
بقلم مثلث الرحمات قداسة البابا شنوده الثالث
في حياة كل إنسان قد توجد مشاكل. فكيف يمكن مواجهتها حتى لا تتطوَّر إلى ما هو أصعب. بعض الناس يلجأ إلى حلول خاطئة لا تفيده شيئاً.
?? هناك مَن يواجه المشكلة بالاضطراب والحُزن وأحياناً بكثرة البكاء والإنهيار كما يحدث مع كثير من النساء. وينبغي أن نعرف أن البكاء لا يحل المشكلة، والحزن لا يحلها. وربما في الاضطراب يرتبك في أخطاء أخرى يقع فيها فتتعقَّد معه الأمور.
?? البعض الآخر قد يواجه المشكلة بحيلة خاطئة. مثال ذلك الذي يحل مشكلة الفقر بالسرقة أو بوسائل أخرى كالاحتيال أو النصب أو الرشوة وبهذا يحاول أن يُعالج المشكلة بخطية. والخطية لا تؤدي إلى نتيجة سليمة، وإن بدت موصلة إلى الغرض في بادئ الأمر! وما أسهل أن تؤدي إلى نتائج سيئة أو خطيرة فيما بعد. كأن توصل إلى السجن أو إلى سوء السمعة على الأقل.
ومن أمثلة معالجة المشكلة بخطية أن فتاة تزني وتحمل ـ سِفاحاً ـ فتُعالج هذه المشكلة بالإجهاض. فتضيف إلى خطية الزنى خطية القتل ( قتل الجنين ). وبهذا تقع في مشاكل أخرى اجتماعية ودينية.
?? وأحياناً يحاول شخص أن يحل مشكلته بالغضب، أو بالكذب أو الإنكار. ويقول إنه لم يفعل، أو يحاول إلصاق الخطية بشخص آخر. وبهذا يضيف إلى الكذب خطية أخرى هى ظُلمه للغير.
?? وهناك مَن يحاول أن يحل مشكلته بالغضب أو النرفزة. مثل أب يلاحظ اهمال ابنه أو تأخره في العودة مساءً، فيضربه في عنف ويمنعه من الخروج من البيت. وتحدث مشاكل جديدة نتيجة لعنف الأب. وطبعاً ليس هذا علاجاً على الإطلاق، بل قد تكون له نتائج جانبية رديئة. ومن أمثلة هذا أيضاً الزوج الذي يُعامل أخطاء زوجته بعنف، بالضرب أو الطرد أو الحبس في البيت. وتكون هذه نقطة البداية في فشل الحياة الزوجية.
?? وهناك أيضاً مَن يحاول أن يحل مشكلته بالعناد. وهذا النوع تكون في نفسيته ألوان من الكبرياء أو الأنانية، وقد يُسمِّي ما بدر منه عزَّة نفس أو كرامة. فيصر على رأيه أو على تصرفه مهما قاد ذلك إلى نتائج سيئة. ويستمر في تشدده. وتتعقد المشكلة أكثر من الأول بكثير. ولا ينفعه عناده بشيء ولا يحل المشكلة.
?? والبعض في حل مشكلته يلجأ أحياناً إلى القهر والعنف. والعنف قد يكون مادياً أو جسدياً كالضرب، أو الإيذاء، أو القتل أو يكون عنيفاً بالتهديد. وأحياناً يكون البكاء أو الإضراب عن الطعام لوناً من العنف. يلجأ إليهما الذين ليس لهم حيلة للوصول إلى حل ... كل ذلك فيه لون من إرغام الغير على قبول ما لا يرضاه. وحتى ولو استجاب قهراً، لا يكون مقتنعاً من الناحية العقلية، ولا راضياً في قلبه.
وللأسف يحدث أحياناً في الريف أن يلجأ الوالدان إلى طُرق من الإرغام الأدبي لكي تتزوج ابنتهما مِمَّن لا ترضاه. تحت ضغط مرض مفتعل من الأب أو الأم، أو تحت ضغط الإلحاح المستمر، أو النرفزة أو البكاء أو التخويف!!!
ولكن هناك طُرقاً سليمة لمواجهة المشاكل:
?? أول طريقة للتخلص من المشاكل هى الوقاية منها. فلا تنتظر حتى تأتيك المشكلة، ثم تُفكِّر كيف تحلها. وإنما الأفضل أن تتجنبها قبل أن تأتي. ولذلك ضع أمامك قاعدة هامة وهى ( علاج الأسباب قبل علاج النتائج ). إذن ابحث أولاً عن سبب المشكلة ... فإن كانت هناك خصومة بينك وبين إنسان، هل يكفي أن تذهب إليه وتطلب منه العفو دون أن تُعالج أسباب الخصومة؟! فإن بقيت الأسباب تبقى الخصومة مهما فعلت.
ونفس الوضع في العلاقات الزوجية: قد تذهب الزوجة إلى بيت أبيها غاضبة ( لأسباب مُعيَّنة ) فهل يكفي أن تُحل المشكلة بأن نرسل إليها وساطة لترجعها؟! أم الحل الطبيعي هو معالجة الأسباب التي أدَّت بها إلى الخروج من البيت.
?? وأحياناً يُفكِّر الناس في أسباب غير حقيقية لمشكلتهم: كفتاة مثلاً كلما يأتيها خطيب لا يرجع إليها مرة أخرى. وبتكرار الأمر تظن أن هناك عملاً قد عُمِلَ لها!! وبهذا يتلقفها مَن يدَّعون فك العمل!! بينما قد يكون السبب الحقيقي هو مقابلة أسرتها للخطيب بطريقة غير لائقة! أو تعقيد الأمور بمبالغ مالية لا يقدر عليها الخطيب فلا يرجع ... أو أن أسلوبهم في الكلام لا يُعجبه. ويكون حل المشكلة في تفادي هذه الأسباب.
?? حل المشاكل يحتاج أيضاً إلى حكمة. فالإنسان الحكيم يمكنه أن يحل مشاكله بعقل رزين، وبتفكير هادئ. ذلك لأن الإنسان المضطرب لا يستطيع أن يُفكِّر بطريقة متزنة. بل أن تفكيره المشوش لا يوصله إلى حل.
ولعلك تقول: وإن لم تكن لديَّ حكمة فماذا أفعل؟
أقول لك: عليك حينئذ بالمشورة الصالحة. إلجأ إلى إنسان عاقل أو إلى أب روحي حكيم لكي ينصحك بما يحل إشكالك. وفي ذلك قال الشاعر:
إذا كنتَ في حاجةٍ مرسلاً
وإنْ بابُ أمرٍ عليكَ إلتَوَى
فأرْسِلْ حكيماً، ولا تُوصِهِ
فشاوِرْ لبيباً ولا تعصهِ
ولا تعتمد على نفسك فقد في حل مشاكلك. فكثيراً ما تحتاج إلى عقل إلى جوار عقلك لكي يسنده. والإنسان الحكيم يفترض حلولاً كثيرة لمشاكله.
والإنسان العاقل إن كانت له مشكلة مع شخص، يراعي عقلية ذلك الشخص ونوعية نفسيته، لكي يعرف أسلوب التعامل معه. فإن تعامل مع امرأة يُراعي نفسية المرأة وليس نفسيته هو فقط. فمشكلتك مع شخص زكي غير مشكلتك مع شخص بسيط. ومشلكتك مع العنيف غير مشكلتك مع الهادئ.
والإنسان الحكيم يُراعي في حل مشكلته الوقت والظروف. ففي بعض الأوقات تكون الظروف مواتية. وفي أوقات أخرى تكون الظروف لا تسمح فيحسن تأجيل الموضوع إلى موعد آخر.
هناك مشاكل تحتاج في حلها إلى صبر واحتمال. وأخرى تحتاج إلى شيء من التواضع والكلمة الطيبة. ومشاكل أخرى تحتاج إلى الصلاة والإيمان.
منقول