romany المدير العام
عدد المساهمات : 5217 نقاط : 70760 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 03/06/2009 الموقع : منتدى قلب يسوع
| موضوع: المحاكم الثورية تفتح باب الجحيم السبت أكتوبر 13, 2012 7:57 pm | |
| المحاكم الثورية تفتح باب الجحيم
إبراهيم عيسىمن أين جاء كل هؤلاء بتلك الثقة فى المحاكم الثورية؟ وليه فاكرينها حاجة حلوة قوى كده نفسهم يدوقوها؟أسمع كثيرًا من كثيرين مطلبًا مع كل حكم ببراءة متهمين بقتل متظاهرى خمسة وعشرين يناير، وزاد ما نسمعه صياحًا وصراخًا بعد براءة متهمى موقعة الجمل بتشكيل محاكم ثورة لمحاسبة هؤلاء ومعاقبة أولئك.أشك كثيرًا فى أن أصحاب هذه الطنطنة يعرفون ماذا فعلته محاكم الثورة فى كل ثورة.لقد كانت اللغم الذى قتل الثورات وقِيمها بل وزعاماتها وناسها، وأنهت قدرة هذه الثورات على النهوض والتقدم ببلدانها.دلّونا على محكمة ثورة بعد أى ثورة فى العالم أفلحت أو صنعت لهذه الثورة قوة وقيم العدل والتقدم.العكس تمامًا فى تشكيل محاكم ثورة، فهى تقتل كل شىء نظيف وطاهر فى الثورة وتُلوِّثها بالدم وتُقسِّم المجتمعات وتزرع الحقد والثأر وتُفجّر كل ما تبقى من أمل فى نجاح هذه الثورة.الثورة الفرنسية التى قتلت نفسها وأغرقت رجالها فى دم أسود وانتهت هذه المحاكمات المجنونة بعودة الإمبراطورية.روسيا ومحاكم ثورتها التى قتلت أنصار الثورة قبل خصومها، وأسست إمبراطورية القهر والقمع سنين طويلة حتى تفككت وانهارت.فى كل دولة عربية ولاتينية وإفريقية جرّبت هذه المصيبة التى اسمها محاكم ثورية كانت تتحول إلى تصفيات عرقية ودينية ومذهبية وقبلية وخسفت بالثورة وبالبلد الأرض وصنعت من زعيم الثورة ديكتاتورًا شريرًا وغبيًّا ودمويًّا.كانت جحيمًا فى كل مكان أنشأها، حيث الثورات تأكل شعوبها، وفى مصر تسببت محاكم الثورة فى نكسة يونيو دون أى مواربة، فقد جعلت من الخصوم أعداءً ومن المختلفين خونة، وكانت تحكم بالهوى وبالتليفون وبالغوغاء وبالوساطة والمزاج، وخدعت قادة الثورة وأصابتهم بالعمى والغرور، الأمر الذى انتهى بهزيمة مذلّة بعدها بسنوات.لا توجد أى ثورة فى العالم أقامت محاكم ثورية إلا وكانت دليلًا على تغييب العدالة وإعلاء الحقد وسكب الدم وتفتيت المجتمع ودفن المستقبل.إن ما نحتاجه أو كنا نحتاجه يوم غفل الثوار وتواطأ الإخوان وأجرم المجلس العسكرى، وسكتوا جميعًا عن الطريق الصحيح الذى التزمت به ثورات كبيرة نجحت فى الانتقال من ظلام إلى نور دون تخبط عشوائى ولا فتنة وطنية ولا حرب أهلية ولا محنة نفسية.. ما نحتاجه هو العدالة الانتقالية، حيث نستطيع الانتقال من المصارحة والمحاسبة وإنهاء خطايا الماضى إلى المصالحة والوحدة الوطنية التى تدفع الوطن للأمام، جرّبوها فى جنوب إفريقيا وتشيلى والأرجنتين وبولندا والمغرب وجورجيا وغيرها، ونجحت فى تخفيف أعباء الصراع بين الثورة وخصومها، وبين أطراف النزاع السياسى حول جرائم الماضى وأحلام المستقبل.لكننا فى مصر ببغاوات تُكرر بمنتهى العصبية والتوتر والجهل دعوات محاكم ثورية، كأنها حاجة عظيمة وحل عبقرى وهى باب جهنم.لكن تعمل إيه فى ناس عايزة تحرق نفسها وبلدها.ربنا يهديهم.. أو يهدّهم.
التحرير | |
|