لاحظت الأرملة الجميلة أولادها الصغار يهربون من أمام وجهها عندما تعود من عملها مرهقة للغاية . تساءلت في نفسها : لماذا أحمل هذا الصليب الثقيل ؟ لقد مات زوجي الحبيب وأنا في ريعان شبابي تاركا لي 3 أطفال .. وهاأنا أكد وأشقي كل يوم، ولا تفارق العبوسة وجهي . كرهني الجميع .. حتى أطفالي .. يهربون من وجهي إني لا أحتملهم وهم يلعبون ويلهون .. ولكن ما ذنبي ؟ صليبي أثقل من أن يحتمل !
ركعت الأرملة في احدي الليالي تطلب من الله أن يأخذ نفسها منها ! فان صليبها لا يحتمل ! وإذ نامت رأت في حلم أنها في غرفة مملوءة صلبانا، بعضها كبير والآخر صغير، بعضها أبيض والآخر أسود، وقد وقف بجوارها السيد المسيح الذي تطلع إليها في حنو وقال لها : "لماذا تتذمرين ؟ اعطني صليبك الذي هو ثقيل عليك جدا، واختاري لنفسك صليبا من هذه الصلبان التي أمامك، ، لكي يسندك حتى تجتازي هذه الحياة . " إذ سمعت الأرملة هذه الكلمات .. قدمت صليبها بين يدي المسيح .. صليب حزنها المر .. ومدت يدها لتحمل صليبا صغيرا يبدو أنه خفيف . لكن ما أن رفعته حتى وجدته ثقيلا للغاية . سألت عن هذا الصليب، فأجابها السيد المسيح : " هذا صليب شابة أصيبت بالفالج في سن مبكرة وستظل كسيحة كل أيامها، لا تري الطبيعة بكل جمالها . ويندر أن يلتقي بها صديق يعينها أو يواسيها" .
تعجبت المرأة لما سمعته ، وسألت السيد المسيح : " ولماذا يبدو الصليب صغيرا وخفيفا للغاية ؟ أجابها السيد المسيح : "لأن صاحبته تقبلته بشكر، وتحملته من أجلي فتجده صغيرا وخفيفا للغاية"
تحركت الأرملة نحو صليب آخر يبدو أيضا صغيرا وخفيفا ، لكنها ما أن أمسكت به حتى شعرت كأنها قطعة حديد ملتهبة نارا . صرخت المرأة من شدة الحرق، وسقط الصليب من يدها . صرخت الأرملة : "صليب من هذا يا سيدي ؟ " أجابها السيد المسيح : "انه صليب سيدة زوجها رجل شرير للغاية، عنيف جدا معها ومع أولادها .. لكنها تحتمله بفرح وتصلي لأجل خلاص نفسه .
انطلقت نحو صليب ثالث يبدو أيضا كأنه صغير وخفيف ، لكن ما أن لمسته وجدته كقطعة جليد . صرخت : صليب من هذا يا سيدي ؟ أجابها : "هذا صليب أم فقدت أولادها الستة .. ومع كل ولد ينتقل ترفع قلبها إلى تطلب التعزية . وها هي تنتظر خروجها من العالم بفرح لتلتقي معهم في فردوس النعيم ! " انطرحت الأرملة أمام مخلصها وهى تقول : سأحمل صليبي الذي سمحت لي به .. لكن .. لتحمله أنت معي أيها المصلوب .. أنت تحول آلامي إلى عذوبة .. أنت تحول مرارتي إلى حلاوة ..