مسألة سلامة القرآن من التحريف تعتبر من اكبر واعمق المسائل الخلافية ما بين اكبر فرق المسلمين (السنة والشيعة).
الشيء الغريب والملفت للنظر حقا هو أن طرفين النزاع (أهل السنة والشيعة) يثبتون تهمة تحريف القرآن كلا من مصادرهم. فالشيعة تتهم أهل السنة بتحريف القرآن ويدعمون قولهم هذا من مصادر أهل السنة. والعكس تماما بالنسبة لأهل السنة. والنتيجة هي أن علماء أهل السنة والشيعة قد اجمعوا على تحريف القرآن. هذا ما نطقت به أمهات كتب ومراجع الطرفين.
وى (الكافي) بالاسناد عن علي بن سويد، قال: كتبتُ إلى أبي الحسن موسى عليه السلام وهو في الحبس كتاباً ـ وذكر جوابه عليه السلام، إلى أن قال: ـ «أُؤتمنوا على كتاب الله، فحرّفوه وبدّلوه». راجع: الكافي 8: 125 | 95.
روى الكليني في (الكافي) عن سالم بن سلمة، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: «إذا قام القائم قرأ كتاب الله عزّ وجل على حدّه، وأخرج المصحف الذي كتبه علي» راجع: الكافي 2: 633 | 23.
روى في (الكافي) عن أبي جعفر الباقر قال: «نزل جبرئيل بهذه الآية على محمد هكذا:(وإن كُنْتُم في رَيْبٍ مِمّا نَزَّلنا عَلَى عَبْدِنا في عليّ ـ فأتُوا بسُورةٍ مِن مِثْلِهِ). البقرة 23. راجع: الكافي 8: 53| 16.
ما روي في (الكافي) عن أبي بصير، عن أبي عبدالله في قوله تعالى: (من يُطعِ اللهَ ورَسُولَه ـ في ولاية عليّ والاَئمّة من بعده ـ فَقَد فَازَ فَوْزَاً عَظِيماً)(الاحزاب 33: 71)هكذا نزلت. الكافي 1: 417 | 26. الكافي 1: 414 | 8.
ما رواه الكليني في (الكافي) والصفار في(البصائر) عن جابر، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: «ما ادعى أحدٌ من الناس أنّه جمع القرآن كلّه كما أُنزل إلاّكذّاب، وما جمعه وحفظه كما أنزله الله تعالى إلاّ علي بن أبي طالب عليه السلام والاَئمّة من بعده عليهم السلام» راجع: الكافي 1: 228 | 1، بصائر الدرجات 2: 213.
ما رواه الكليني في (الكافي) والصفار في (البصائر) عن جابر، عن أبي جعفر أنّه قال: «ما يستطيع أحد أن يدّعي أنّ عنده جميع القرآن كلّه ظاهره وباطنه غير الاَوصياء» راجع: الكافي 1: 228 | 2، بصائر الدرجات: 213 | 1
ما رُوي في (الكافي) عن الاَصبغ بن نباتة، قال: سَمِعتُ أمير المؤمنين يقول: «نزل القرآن أثلاثاً: ثلث فينا وفي عدوّنا، وثلث سنن وأمثال، وثلث فرائض وأحكام». راجع: الكافي 2:627|2.
ما روي في (تفسير العياشي) مرسلاً عن الصادق قال: «إنّ في القرآن ما مضى، وما يحدث، وما هو كائن، كانت فيه أسماء الرجال فألقيت، إنّما الاسم الواحد منه في وجوه لا تُحصى، يعرف ذلك الوصاة. راجع: تفسير العياشي 1: 12|10
ما روي في (الكافي) عن البزنطي، قال: دفع إليَّ أبو الحسن الرضا عليه السلام مصحفاً، فقال: «لا تَنْظُر فيه». ففتحته وقرأت فيه(لم يكن الذين كفروا…)(البينة 98: 1) فوجدت فيها اسم سبعين رجلاً من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم. قال: فبعث إليّ: «ابعث إليّ بالمصحف» راجع: الكافي 2: 631 | 16.
ما رُوي في (الكافي) عن منخل، عن أبي عبدالله قال: «نزل جبرئيل على محمّد بهذه الآية هكذا (يا أيُّها الذينَ أوتُوا الكتاب آمِنوا بما أنَزَّلنَا ـ في عليّ ـ نُوراً مُبِيناً). الكافي 1: 417/ 27 وصدر الآية من سورة النساء 4: 47 هكذا(يا أيها الذين أمنوا بما نزلنا مصدقاً لما معكم…) وأما آخرها (نور مبيناً) فهو في نفس السورة آية: 147 هكذا (يا ايها الناس قد جاءكم برهان من ربكم و أنزلنا إليكم نوراً مبينا) ولعله سقط من الخبر شيء.
روى ابن شهر آشوب في (المناقب) من خطبة أبي عبدالله الحسين الشهيد في يوم عاشوراء وفيها: «إنّما أنتم من طواغيت الاَُمّة، وشُذّاذ الاَحزاب، ونبذة الكتاب، ونفثة الشيطان، وعصبة الآثام، ومحرّفي الكتاب» راجع: بحار الانوار 45: 8
وروى البحراني في شرحه لنهج البلاغة: (أن عثمان بن عفان جمع الناس على قراءة زيد بن ثابت خاصة وأحرق المصاحف وأبطل ما لاشك أنه من القرآن المُنزل) شرح نهج البلاغة /هاشم البحراني 1/1).
ما رواه الشيخ الصدوق في (ثواب الاعمال) عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله قال: «سورة الاَحزاب فيها فضائح الرجال والنساء من قريش وغيرهم يا بن سنان، إنّ سورة فضحت نساء قريش من العرب، وكانت أطول من سورة البقرة، ولكن نقصّوها وحرّفوها». راجع: ثواب الاعمال: 100.
ما رُوي في (تفسير العياشي) عن الصادق قال: «لو قُرىء القرآن كما أُنزل لاَلفيتنا فيه مُسمّين». راجع: تفسير العياشي 1: 13 | 4.
ما رواه العياشي في (تفسيره) عن مُيسّر، عن أبي جعفر قال: لولا أنّه زيد في كتاب الله ونقص منه، ما خفي حقّنا على ذي حجا، ولو قد قام قائمنا فنطق صدّقه القرآن. راجع: تفسير العياشي 1:13|6.
عن أبي جعفر: «إذا قام القائم من آل محمد صلعم ضرب فساطيط لمن يُعلّم الناس القرآن على ما أنزله الله عزّ وجل، فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم ؛ لاَنّه يخالف فيه التأليف»راجع: ارشاد المفيد 2: 386 تحقيق مؤسسة آل البيت، روضة الواعظين 265.
وروى نحوه النعماني في الغيبة راجع: غيبة النعماني: 318 و 319.
أنّ التحريف قد وقع في التوراة والانجيل، وقد ورد في الاَحاديث عن النبي الاَكرم صلعم أنّه قال: «يكون في هذه الاَُمّة كلّ ما كان في بني إسرائيل، حذو النعل بالنعل، وحذو القذّة بالقذّة» راجع: الفقيه 1: 203 | 609.
ويقول محدثهم النوري الطبرسي: (إن الأخبار الدالة على ذلك ـ التحريف ـ يزيد على ألفي حديث وادعى استفاضتها جماعة كالمفيد والمحقق والعلامة المجلسي وغيرهم, واعلم أن الأخبار منقولة من الكتب المعتبرة التي عليها معول أصحابنا في إثبات الأحكام الشرعية والآثار النبوية)(فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب 227).
وينقل الإجماع على التحريف الجزائريّ في كتابه [الأنوار النعمانية] كما يذكر ذلك صاحب كتاب: [فصل الخطاب] (إن لأصحاب قد أطبقوا على صحة الأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة بصريحها على وقوع التحريف في القرآن) راجع: فصل الخطاب ص 30.
ويقول المفسر الشيعي محسن الكاشاني:(إن القرآن الذي بين أيدينا ليس بتمامه كما أُنزل على محمد بل منه ما هو خلاف ما أنزل الله, ومنه ما هو مغير محرف, وأنه قد حذف منه أشياء كثيرة) (تفسير الصافي /المقدمة – محسن الكاشاني).
ويؤكد ذلك طيب الموسوي في تعليقه على تفسير القمي علي بن إبراهيم: (ولكن الظاهر من كلمات غيرهم من العلماء والمحدثين, المتقدمين منهم والمتأخرين القول بالنقيصة كالكليني والبرقي والعياشي والنعماني وفرات بن إبراهيم وأحمد بن طالب الطبرسي والمجلسي والسيد الجزائري والحر العاملي والفتوني والسيد البحراني, وقد تمسكوا في إثبات مذهبهم بالآيات والروايات التي لا يمكن الإغماض عليها) راجع: تفسير القمي المقدمة ص23.
والمجلسي يُصرح قائلاً: (أن عثمان حذف عن هذا القرآن ثلاثة أشياء: مناقب أمير المؤمنين علي, وأهل البيت, وذم قريش والخلفاء الثلاثة مثل آية "يا ليتني لم أتخذ أبا بكر خليلا" (تذكرة الأئمة المجلسي ص9).
ويقول أحد علمائهم رداً على الشريف المرتضى في قوله بعدم التحريف: (فإن الحق أحق أن يتبع,ولم يكن السيد علم الهدى ـ المرتضى ـ معصوماً حتى يجب أن يطاع فلو ثبت أنه يقول بعدم النقيصة مطلقاً لم يلزمنا إتباعه ولا خير فيه)(الشيعة والسنة ص133 إحسان ظهير).
قيل للحسين بن عليّ: إنّ فلاناً زادَ في القرآن ونقصَ منه! فقال الحسين: أؤمنُ بما نقصَ وأكفرُ بما زادَ (متشابه القرآن ومختلفه لابن شهرآشوب 2/ 77).
وروى سالم بن سلمة قال: قرأ رجلٌ على أبي عبد الله ـ وأنا أسمع ـ حروفاً من القرآن، ليس على ما يقرؤها الناسُ!
فقال أبو عبد الله عليه السلام: كُفَّ عن هذه القراءة واقرأ كما يقرأ الناسُ. (الكافي للكليني 2/ 462 ح3 2).
فمثلا يروي محمد بن يعقوب الكليني عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: لم سمي علي بن أبي طالب أمير المؤمنين؟ قال: الله سماه، وهكذا أنزل في كتابه " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم (وأن محمدا رسولي وأن عليا أمير المؤمنين) اصول الكافي، كتاب الحجة ج 1ص 479.
وروى عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى سأل سائل بعذاب واقع للكافرين" (بولاية علي) ليس له دافع، ثم قال: هكذا والله نزل بها جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآلهالكافي باب الحجة ج 1 ص 490.
وروى عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية هكذا " فأبى أكثر الناس (بولاية علي) إلا كفورا، قال: ونزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية هكذا "وقل الحق من ربكم (في ولاية علي) فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا اعتدنا للظالمين (آل محمد) نارا. كتاب الحجة من الكافي ج 1 ص 493.
وعن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال هكذا نزلت هذه الآية "ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به (في علي) لكان خيرا لهم. كتاب الحجة من الكافي ج 1 ص 492.
وعن منخل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نزل جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله بهذه الآية هكذا: يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا (في علي) نورا مبينا. كتاب الحجة من الكافي ج 1 ص 485.
وعن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وآله هكذا "بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله (في علي) بغيا. كتاب الحجة من الكافي ج 1 ص 484.
ويذكر على بن إبراهيم القمي في مقدمة تفسيره "أنه طرأ على القرآن تغيير وتحريف ويقول: وأما ما كان خلاف ما أنزل الله فهو قوله تعالى "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله" فقال أبو عبد الله عليه السلام لقارئ هذه الآية: خير أمة تقتلون أمير المؤمنين والحسن والحسين بن علي؟ فقيل له: فكيف نزلت يا ابن رسول الله؟ فقال: نزلت كنتم خير أئمة أخرجت للناس" وقال: واما ما هو محرف منه فهو قوله: لكن الله يشهد بما أنزل إليك (في علي) كذا نزلت، وقوله: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك (في علي). تفسير القمي مقدمة المؤلفج 1 ص 36.
عن أبي هريرة عن النبي قال: لما أسري بي الى السماء سمعت نداءا من تحت العرش أن عليا راية الهدى وحبيب من يؤمن بي، بلغ يا محمد، قال: فلما نزل النبي أسر ذلك، فأنزل الله يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك في علي بن أبي طالب وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس. شواهد التنزيل ج 1 ص 249.
ان اقوم الدين، الحنفية مسلمة غير مشركة، ومن يعمل صالحاً فلن يكفره، وما اختلف الذين أوتوا الكتاب آلا من بعد جاءتهم البينة، ان الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وفارقوا الكتاب لما جاءهم أولئك عند الله شر البرية، ما كان الناس آلا أمة واحدة، ثم أرسل الله النبيين مبشرين، ومنذرين، يأمرون الناس، يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة، ويعبدون الله وحده، وأولئك عند الله هم خير البرية، جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضى الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشيه ربه.راجع تفسير روح المعاني للالوسي 1/ 25.