المعجزة التى جعلت المعز لدين الله الفاطمى يعتنق المسيحيه
و قد سجل الانبا ساويرس ابن المقفع أسقف الاشمونين هذه المعجزة ، بصفته شاهد عيان و سط المئات من شهود العيان ، فى كتاب تاريخ البطاركة ، و قد سجلتها الباحثة مدام بوتشر المؤرخة البريطانية فى كتابها "تاريخ الكنيسة القبطية" . بجانب أن العديد من المسلمين تخوفوا من أنتشار خبر هذه المعجزة ، و أختلقوا القصص الوهمية و خافوا من قول الحقيقة التى ترجح كفة المسيحية بنسبة مليون المائة .
أيدت هذه المعجزة براهين موجودة حتى الآن :
* كان صوم الميلاد 40 يوم ، أضيف له الثلاثة أيام تذكار صوم نقل جبل المقطم ، و لذلك فإن صيام الميلاد الآن 43 يوم .
* عيد القديس سمعان الخراز ونقل جبل المقطم 27 نوفمبر من كل عام وتقام الصلوات من 25 – 27 نوفمبر.
* بل آنه أيضاً ذُكر فى كتاب ( المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار ) للمؤرخين :
هذه المعجزة حقيقية 100% ومعروفة لدى الكثير من المصرين وخصوصا دارسى التاريخ تمت على يد القديس "سمعان الخراز"
بداية أبدأ بقصة القديس "سمعان الخراز"
- و القديس سمعان الخراز كان يعمل في دباغة الجلود وصناعة الأحذية ولذلك كان يلقب بسمعان الدباغ أو سمعان الخراز أو سمعان الإسكافى. أتت إليه امرأة لتصلح حذائها وبينما هى تخلع حذاءها انكشفت ساقاها فنظرت عيناه إليها وفى الحال ضرب المخراز في إحدى عينيه فأفرغها . نفذ الوصية حرفياً ببساطة. " إن كانت عينك اليمنى تعثرك فاقلعها وإلقها عنك لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا سلقى جسدك كله في جهنم " (مت 5: 28)
كما أن مارك بولو الرحالة المشهور عالمياً قد سجل هذه المعجزة : (من موقع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى أنجلترا) :
كان المعز لدين الله الفاطمى... محبا لمجالس الأدب ومولعا بالمباحثات الدينية، وكان يجمع رجال الدين من المسلمين والمسيحيين واليهود للمناقشة فى مجلسه، وأشترط أن يكون ذلك بلا غضب أو خصام. وكان فى ديوان المعز رجل يهودى أعتنق الأسلام لكى يعيين وزيرا فى الدولة، وكان أسم هذا الرجل يعقوب بن كلس. ورغم أنه أعتنق الأسلام إلا أنه مازال متعصبا لدينه اليهودى، لأنه لم يعتنق الأسلام عن عقيدة بل لأجل المنصب. وكان هذا اليهودى يبغض المسيحيين إلى أقصى درجة، خاصة وأنه كان له خصم مسيحى يعزه الخليفة، وكان اليهودى يخشى أن يعينه وزيرا عوضا عنه، وكان اسمه قزمان بن مينا الشهير بأبو اليمن. فأستدعى يعقوب بن كلس اليهودى واحدا من بنى قومه يُدْعَى موسى ليجادل البابا البطريرك الأنبا ابرآم فى مجلس الخليفة المعز. أرسل الخليفة للآب البطريرك قائلاً: “ لماذا لا تتجادلان ؟ “ فأجابه الأنبا ساويرس “ كيف نجادل في مجلس أمير المؤمنين
فقال المعز للبابا: تكلم أيها البابا الوقور، أو أمنح رفيقك الأذن بالكلام.
فقال البابا لأسقف الأشمونين الأنبا ساويرس: تكلم يأ بنى. ولتمنحك الحكمة الألهية حكمة من لدنها.
فقال الأنبا ساويرس بفطنة روحية:
ليس من اللائق أن أتحدث إلى يهودى فى حضرة الخليفة. فأحتد موسى اليهودى رفيق الوزير وقال: إنك تهيننى فى مسمع من أمير المؤمنين إذ تصفنى بالجهل. فسأله الأنبا ساويرس بهدوء: وإن قدمت لكَ الدليل على جهلك، أفلا تغضب؟
وهنا تدخل الخليفة المعز بسماحته وبلاغته قائلاً: لا داعى للغضب فى المناقشة، لأن الحرية مكفولة لكل منكم حتى يعبر كل واحد عن عقيدته بصراحة وبلا حرج. فقال الأنبا ساويرس بثقة: لست أنا الذى أصفكم بالجهل، بل أن نبيا عظيما نال كرامة خاصة من الله هو الشاهد عليكم.
فسأله موسى اليهودى قائلاً: ومن يكون هذا النبى؟
أجابه الأنبا ساويرس على الفور: أنه أشعياء النبى الذى قال عنكم: "الثور يعرف قانيه، والحمار معلف صاحبه، أما أسرائيل فلا يعرف. شعبى لايفهم" (أش 1: 3) .
فأنفجر الخليفة المعز ضاحكا، إذ أُعجب بفطنة الأنبا ساويرس، وأُعجب بمهارته فى الحوار. ثم سأل الخليفة موسى اليهودى قائلاً : أهذه كلمات أشعياء النبى حقا؟
فكتم موسى اليهودى غيظه، فأجاب بصوت خفيف: نعم يامولاى.
فأستطرد الأنبا ساويرس فى الكلام قائلاً : ها أن نبيا عظيما من أنبيائكم قد أعلن بأن الحيوانات أكثر فهما منكم .
كان من أثر تلك المجادلة الحادة أن تضايق الوزير بن كلس للغاية هو ورفيقه موسى اليهودى، فقررا الأنتقام من الأنبا ابرآم والأنبا ساويرس بتدبير مؤامرة تقضى على الأقباط جميعا. فأخذ موسى اليهودى يفتش فى الأنجيل المقدس عن شئ يساعده فى تحقيق غرضه الخبيث، فوجد الآية المقدسة التى قالها رب المجد يسوع المسيح:
"لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل: أنتقل من هنا إلى هناك فينتقل، ولايكون شئ غير ممكن لديكم" (مت 17: 20) .
أسرع موسى اليهودى مع الوزير بن كلس إلى الخليفة المعز وقالا له : وجدنا فى أنجيل النصارى أنه مكتوب "أن من له إيمان مثل حبة خردل ينقل الجبل".
ولا يخفي علي أمير المؤمنين ما في هذه الأقوال من الادعاء الباطل
من حقنا أن نطالبهم بإثبات صحة دينهم بإتمام هذا الكلام، فإن لم يستطيعوا وجب عقابهم لبطلان دينهم. صمت الخليفة المعز لدين الله الفاطمى مفكرا فى هذه الآية، ورأى أنه إذا كان كلام الآنجيل صحيحا فتكون فرصة ذهبية لإزاحة الجبل ( المقطم ) الجاثم شرق المدينة الجديدة (القاهرة) حتى يزيد عمرانها شرقا، ويكون موقعها أروع إذ كان الجبل قبل نقله على حدود بركة الفيل. أما إذا عجزوا عن تنفيذ هذا الكلام كان ذلك دليلاً قاطعا على بطلان دين النصارى، ومن ثمَ تحتم إزالة هذا الدين من الوجود. أرسل الخليفة المعز إلى البابا الأنبا ابرآم السريانى، فحضر اليه وتكلم معه عن أمر هذه الآية، وأن عليه أن يختار أمراً مما يأتى:
1) إما تنفيذ هذه الوصية ونقل الجبل الشرقى المقطم .
2) وإما أعتناق الإسلام وترك الدين المسيحى لبطلانه .
3) وإما ترك البلاد المصرية والهجرة إلى أى بلد آخر.
رجع البابا إلى مقره حزينا وأصدر منشورا عاما يأمر فيه جميع المسيحيين فى مصر بالصوم ثلاثة أيام إلى الغروب، مع أقامة الصلوات الحارة من أجل سلامة الكنيسة وأنقاذها من هذه المحنة. يا لها بصيرة روحية وحكمة سماوية تلك التى تلجأ إلى الله فى الظروف والمحن. فما اروع ما تصليه الكنيسة فى القداس الألهى قائلة: "لأننا لانعرف آخر سواك. أسمك القدوس هو الذى نقوله فتحيا نفوسنا بروحك القدوس". بعد ذلك ذهب البابا إلى كنيسة السيدة العذراء المعروفة بالمعلَّقة وطلب الأساقفة الذين كانوا موجودين بمصر القديـــمة والكهنة والأراخنة والرهبان، وذكر لهم ما حدث بينه وبين الخليفة المعز، وقال لهم: علينا بالصوم والصلاة هذه الأيام الثلاثة التى أستمهلته أياها ليترأف الله علينا بنعمته ويهئ لنا طريق النجاة. أستجاب الجميع لنداء البابا، وصام الشعب القبطى فى طول البلاد وعرضها ، وأقيمت القداسات، ورُفِعَت الصلوات والطلبات من أجل هذه المحنة التى تجتازها الكنيسة. وأعتكف البابا الأنبا ابرآم مع بعض الأساقفة والكهنة والرهبان والأراخنة بكنيسة السيدة العذراء بالمعلقة لمدة هذه الأيام الثلاثه
فى فجر اليوم الثالث غفا البابا غفوة قصيرة فرأى خلالها السيدة العذراء، وسمعها تقول له: ماذا بكَ؟
فأجابها البابا: أنتِ تعلمين ياسيدة السمائيين والأرضيين.
فقالت له: لاتخف أيها الراعى الأمين، فإن دموعك التى سكبتها فى هذه الكنيسة مع الأصوام والصلوات التى قدمتها أنتَ وشعبك لن تُنسى. أخرج الآن من الباب الحديدى المؤدى إلى السوق، وعند خروجك منه ستجد أمامك رجلاً بعين واحدة، حامل جرة ماء. أمسك به لأنه الرجل الذى ستتم المعجزة على يديه.
وما ان قالت السيدة العذراء ذلك حتى توارت عن عيني البابا الذى أستيقظ من نومه مندهشا.
عندما أستيقظ البابا من النوم وخرج فى الحال إلى الباب الحديدى المؤدى إلى السوق رأى خارجه الرجل الذى أشارت إليه السيدة العذراء، فأمسك به وأدخله داخل الباب الحديدى، ثم أغلق الباب. ثم ذكر البابا له ما حدث بينه وبين الخليفة، وما أمرته به السيدة العذراء بأنه هو الرجل الذى ستتم على يديه المعجزة. فقال له القديس سمعان: أغفر لى يا أبتى، فأنى رجل خاطئ .
فقال له البابا فى أصرار: أنه أمر أم النور.
فأجاب القديس سمعان فى خضوع وأتضاع: مادامت أم النور هى التى حكمت علىّ بأن أوّدى هذا الواجب العظيم، فأنى أضع نفسى فى خدمتك ياسيدى. فسأله البابا عن أسمه وعن سبب وجوده فى السوق فى مثل هذه الساعة المبكرة، بينما الناس نيام. فأجابه القديس سمعان: أسمى سمعان الخراز. وأنا أشتغل بدباغة الجلود، ولكنى أقوم فى مثل هذه الساعة من كل صــباح لأملأ قربتى بالماء وأوزعه على الكهول والمرضى الذين أقعدتهم الشيخوخة أو المرض عن المقدرة على أحضار الماء لأنفسهم. وعندما أنتهى من خدمتى هذه أُعيد قربتى إلى البيت وأذهب إلى عملى عند صاحب مصنع الدباغة حيث أعمل حتى المساء، وعند غروب الشمس أخرج مع بقية الأُجراء فأكل القليل لأسد به رمقى ثم أنصرف إلى الصلاة. ثم رجا القديس سمعان من البابا أن يكتم حقيقة أمره طالما هو حى على هذه الأرض .
بعد أن أنتهى القديس سمعان من حديثه السابق قال للآب البطريرك:
أصعد يا أبى المكرم إلى الجبل،( المقطم ) وخذ معك رجال الدين والشمامسة والأراخنة، وأجعلهم يحملون عاليا الأناجيل والصلبان والشموع الطويلة موقدة والمجامر مملوءة بخورا، وأطلب إلى الملك وحاشيته أن يصعدوا معكم. وأن يصعد الشعب أيضا ليري ويشاهد الجميع هذه المعجزة التي وعد بها الرب.فتقفوا أنتم على ناحية من الجبل، بينما يقفوا هم على الناحية المقابلة لكم، وسأقف أنا وسط الشعب خلف غبطتكم بحيث لايعرفنى أحد.
أخبر الآب البطريرك الخليفة المعز لدين الله الفاطمى أنه مستعد لتنفيذ مطلبه بنعمة الله. فخرج الخليفة ممتطيا صهوة جواده، ومعه حشد رهيب من رجال حاشيته وعظمائه وجنوده. وتقابل مع الآب البطريرك وعدد كبير من الأساقفة والكهنة والشمامسة والأراخنة والشعب وبينهم القديس سمعان الخراز. ووقف الفريقان، كما قال القديس سمعان، مقابل بعضهما .
بعد تقديم الأسرار المقدسة التى رفعها البابا والأساقفة ردد المصلون بروح منكسرة وقلوب منسحقة صلاة "كيرياليسون: يارب أرحم" أربعمائة مرة شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، ثم صمتوا برهة بين يدى العلى. وأبتدأوا فى السجود والقيام ثلاث مرات، والآب البطريرك يرشم الجبل بالصليب، وإذ بزلزلة عظيمة تجتاح الجبل، وفى كل سجدة يندك الجبل، ومع كل قيام يرتفع الجبل إلى أعلى وتظهر الشمس من تحته، ثم يعود فى كل مرة. إنها قوة الإيمان الذى أعلنه معلمنا الرسول بولس إذ قال: "أستطيع كل شئ فى المسيح يسوع الذى يقوينى" (فى 4: 13)
عندما حدثت المعجزة فزع الخليفة المعز وأرتعب وكل الجموع المحتشدة معه، وهتف المعز بأعلى صوته قائلاً: عظيم هو الله، تبارك أسمه. وألتمس من البابا أن يكف عن عمله لئلا تنقلب المدينة رأساً على عقب. وعندما هدأت الأمور قال للبابا : لقد أثبتم أن إيمانكم هو إيمان حقيقى.
بعد أن هدأت نفوس الجموع المحتشدة بدأوا ينزلون من الجبل ليعودوا إلى بيوتهم. أما البابا البطريرك فقد تلفت حوله باحثا عن القديس سمعان الخراز الذى كان يقف خلفه فلم يجده، ولم يعثر أحد عليه بعد ذلك حتى أظهرته نعمة الله فيما بعد .
تحكى مخطوطة بدير الأنبا أنطونيوس أن الجبل المقطم سُمِّىَ كذلك أى المقطم أو المقطع أو المقطب لأن سطحه كان متساويا، أى متصلاً ، فصار ثلاث قطع، واحدة خلف الأخرى، ويفصل بينهم مسافة. وتقول قواميس اللغة العربية أن كلمة "مقطم" معناها "مقطع".
كان لهذه المعجزة الجبارة عدة نتائج هامة منها :
تجديد الكنائس وترميمها :
ســلام الكنيسة:
بعد أن تمت المعجزة أنفرد الخليفة المعز لدين الله الفاطمى بالبابا وقال له: الآن أطلب ما تشاء فأفعله لك.
فأجاب البابا بحكمة: لا أطلب إلا أن يطيل الله حياتك ويمنحك النصر على أعدائك. ولكن الخليفة أصر أن يطلب البابا شيئا. فقال البطريرك: مادمت تلح علىّ فى أن أعلن لكَ رغبتى فأسمح لى بأن أقول أننى أتوق إلى أعادة بناء كنيسة القديس مرقوريوس أبى سيفين ببابيلون (مصر القديمة)، إذ قد هدمها بعض السوقة والرعاع وأستعملوا ما بقى منها كمخزن للقصب، وكذلك أود ترميم جدران كنيسة المعلقة، إذ أصابها بعض التصدع.
وما إن سمع الخليفة هذه الطلبات حتى أمر أحد كتبة الديوان بأن يحرر مرسوما فورا يعطى البطريرك الحق فى العمل كما طلب. ثم أمر أن تصرف النفقات اللازمة من خزانة الدولة. أخذ البابا المرسوم الذى يصرح له بالبناء والترميم وأعتذر عن أخذ المال، وقال للخليفة:
إن الذى نبنى له كنيسة قادر على أن يساعدنا حتى نتممها، وهو غير محتاج إلى مال العالم، وأعادوا بناءه. إنها حياة القناعة والأكتفاء.
فالقديس البابا الأنبا ابرآم لم يطلب من الخليفة أية أمور أو مقتنيات شخصية. وقد كان تجديد بناء كنيسة مرقوريوس أبى سيفين فاتحة عهد من البناء والتجديد، فتجدد عدد كبير من الكنائس وخاصة فى الأسكندرية.
كان لمعجزة نقل جبل المقطم أثر عميق فى نفوس الجميع وصارت رهبة الله على الكبير والصغير فى الدولة، إذ يسجل التاريخ ذلك بقوله: "حل السلام محل الثورة و الحرب، فأمتلأ قلب الأنبا ابرآم طمأنينة على شعبه الأمين". ومن أسباب السلام الذى عم الكنيسة هو ما قيل عن الخليفة نفسه. وهذا يذكرنا بما حدث مع أمبراطور الدولة الرومانية، الأمبراطور قسطنطين الكبير، الذى بعد أن رأى راية الصليب فى منامه وتم له النصر فى معاركه آمن بالمسيح. ليس شئ عسير على الرب، إذ تسـتطيع نعمـة الله أن تدخل إلى بلاط الملوك والأباطرة وتسبى سبيا وتعطى الناس عطايا، فمعلمنا القديس بولس يكتب قائلاً : "يسلم عليكم جميع القديسين، ولاسيما الذين من بيت قيصر" (فى 4: 22)".
منقول