تأثيرات زردشتية في القرآن والحديث
(1) المواضيع التي تأثر بها القرآن:
1ـ قصة الإسراء المعراج: النبأ عن المعراج في ليلة الإسراء ورد في القرآن في (سورة الإسراء 17: 1) " سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا. إنه هو السميع البصير".
1) مصدرها؟ كتاب الأساطير الفارسية المسمى "أرتاويراف نامك" والمكتوب باللغة البهلوية (أي اللغة الفارسية القديمة) منذ 400 سنة قبل الهجرة، في أيام أردشير بابكان ملك الفرس.
2) تقول الأسطورة أنه لما أخذت ديانة زردشت في بلاد الفرس في الانحطاط، ورغب المجوس في إحيائها في قلوب الناس، انتخبوا شاباً من أهل زرشت اسمه "أرتاويراف" وأرسلوا روحه إلى السماء. ووقع على جسده سُبات. وكان الهدف من سفره إلى السماء أن يطَّلع على كل شيء فيها ويأتيهم بنبأ.
3) فعرج هذا الشاب إلى السماء بقيادة وإرشاد ملاك اسمه "سروش" فجال من طبقة إلى أخرى وترقى بالتدريج إلى أعلى فأعلى.
4) ولما اطلع على كل شيء أمره "أورمزد" الإله الصالح أن يرجع إلى الأرض ويخبر الزردشتية بما شاهد، ودُوِّنت هذه الأشياء بحذافيرها وكل ما جرى له في أثناء معراجه في كتاب "أرتاويراف نامك".
المذيع (2) هل يمكن أن تحكي لنا شيئا من هذه الأسطورة الفارسية؟
الإجابة: حسنا:
(1) من عبارات كتاب "أرتاويراف نامك" في (فصل 7 فقرة 1-4) قال أرتاويراف: "وقدمت القَدَمَ الأولى حتى ارتقيت إلى طبقة النجوم.. ورأيت أرواح أولئك المقدسين الذين ينبعث منهم النور كما من كوكب ساطع. ويوجد عرش ومقعد باه باهر رفيع زاهر جداً. ثم استفهمت من سروش المقدس ومن الملاك آذر [ملاك على النار]عن المكان، عن الأشخاص".
(2) وبعد هذا ورد في فصل 11: "وأخيراً قام رئيس الملائكة "بهمن" من عرشه المرصع بالذهب فأخذني من يدي وأتى بي إلى جوهر زردشت السامي العقل والإدراك. وقال بهمن: هذا أورمزد. ثم أني أردت أن أسلِّم عليه، فقال لي: السلام عليك يا أرتاويراف. مرحباً أنك أتيت من ذلك العالم الفاني إلى هذا المكان الباهي الزاهر. ثم أمر سروش المقدس والملاك آذر قائلاً: احملا أرتاويراف وأرياه العرش وثواب الصالحين وعقاب الظالمين أيضاً.
1) وأخيراً أمسكني سروش المقدس والملاك آذر من يدي وحملاني من مكان إلى آخر، فرأيت رؤساء الملائكة أولئك، ورأيت باقي الملائكة".
2) ثم ذكر أن أرتاويراف شاهد الجنة وجهنم، وورد في فصل 101: "أخيراً أخذني سروش المقدس والملاك آذر من يدي وأخرجاني من ذلك المحل المظلم المخيف المرجف وحملاني إلى محل البهاء ذلك وإلى أورمزد ورؤساء الملائكة فرغبت في تقديم السلام أمام أورمزد، فأظهر لي التلطف. قال: يا أرتاويراف المقدس العبد الأمين، يا رسول عبدة أورمزد، اذهب إلى العالم المادي وتكلم بالحق للخلائق حسب ما رأيت وعرفت. من يتكلم بالاستقامة والحق أنا أسمعه وأعرفه. تكلم أنت الحكماء. ولما قال أورمزد هكذا وقفت باهتاً لأني رأيت نوراً ولم أرَ جسماً، وسمعت صوتاً وعرفت أن هذا هو أورمزد".
3) هل توجد مشابهة بين قصة معراج أرتاويراف الكاهن المجوسي وبين معراج محمد.
المذيع (3) هل توجد في الحضارات الأخرى أساطير مثل ذلك؟
الإجابة: قرأت عن إسراء ومعراج عند الهنود عبدة الأصنام أيضاً:
(1) في كتاب يُدعى "إندرلوكاكمتم" (يعني السياحة إلى عالم إندره) قال فيه الهنود إن "إندره" هو إله الجو وذُكر فيه أن شخصاً اسمه "أرجنة" وصل إلى السماء وشاهد قصر إندره السماوي وهو قصر في بستان، وفيه ينابيع أبدية تروي النباتات الخضراء النضرة الزاهية. وفي وسط ذلك البستان السماوي شجرة تسمى "بكشجتي".
(2) ويعتقد الزردشتية أيضا بوجود شجرة تُسمى "حوابة" (ومعناها مروية بماء رائق فائق). تأتي المياه في من الأنهار إلى الشجرة فتنبت هناك كل النباتات على اختلاف أنواعها
المذيع (4) أي الثقافات أسبق؟ وأيها أثر في الآخر؟
الإجابة: الثقافة الفارسية أسبق وأثرت في كل من الثقافة الهندية والعربية. فوجد الإسراء والمعراج في الإثنين كما رأينا.
المذيع (5) هل قصة الإسراء والمعراج هي الشيئ الوحيد الذي تأثر به القرآن من الثقافة الفارسية والديانة الزرادشتية؟
الإجابة: هناك أمور أخرى تفرض نفسها على ساحة الفكر والملاحظة، فهناك:
(1) موضوع الحور والغلمان: فكل مسلم ملمّ بهذه الأمور يعرف ما ورد عنها في القرآن وفي الحديث، فلا داعي لذكرها.
(2) إن مصدر كل هذه التعاليم هو كتب الزرادشتية. إذ لا يوجد أثر لها مطلقاً في التوراة أو الإنجيل. ولكنها ذُكرت في كتب الزردشتية والهنود. ومن الغريب أن ما ورد فيها يشابه مشابهة غريبة ما ورد في القرآن والحديث.
(3) جاء عن الحور في (سورة الرحمن 55: 72) "حور مقصورات في الخيام" وفي (سورة الواقعة 56: 23) "وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون"
(4) وهو مأخوذ مما قاله الزرادشتية القدماء عن بعض أرواح غادات تسمى في اللغة البهلوية "هور".
(5) ولم يقتصر ذكر هاته الغانيات السماويات في كتب قدماء الفرس فقط، بل في كتب قدماء الهنود، وقالوا إن الذين يعاشرونهم في السماء هم الذين يظهرون البسالة في الحروب ويُقتَلون فيها.
المذيع (6) وما هي معتقدات الزرادشتية الأخرى التي تأثر بها القرآن غير موضوع الحور ؟
الإجابة: موضوع الجن، والميزان:
(1) كلمة الجن مشتقة من لغة الفرس القديمة، لأنها وردت في كتاب «أفِستا» (وهو كتاب الزردشتية المقدس ودستور ديانتهم) بهذه الصورة والصيغة، وهي "جيني" ومعناها روح شرير، فأخذ العرب الاسم من الزردشتية.
(2) الذرات الكائنات: ورد في الأحاديث أنه لما عرج محمد إلى السماء، رأى أنه إذا نظر آدم إلى الأسودة إلتي عن يمينه ضحك، وإذا نظر إلى التي عن يساره ناح وبكى. والأسودة هم أرواح أشخاص لم يولدوا بعد، ويسميهم المسلمون "الذرات الكائنات". وقد اتخذوا الاعتقاد بوجودها من قدماء الزردشتية، لأن الزردشتية كانوا في قديم الزمان يعتقدون بمثل هذا الاعتقاد.
(3) قصة خروج عزازيل من جهنم. اتَّخذ المسلمون قصة خروج عزازيل من جهنم من الزردشتية، ورد في "قصص الأنبياء" (ص 9) "خلق الله عزازيل، فعبد عزازيل الله تعالى ألف سنة في سجن، ثم طلع إلى الأرض فكان يعبد الله تعالى في كل طبقة ألف سنة، إلى أن طلع على الأرض الدنيا".
(4) وورد في "عرائس المجالس" (ص 43) أن إبليس يعني عزازيل أقام ثلاثة آلاف سنة عند باب الجنة بالأمل أن يضر آدم وحواء لامتلاء قلبه بالحسد.
(5) وورد في "بوندهشينه" (فصل 1 و2) "أن [أهرمن] يعني إبليس كان ولا يزال في الظلام غير عالم بالأشياء إلا بعد وقوعها، وحريصاً على إيصال الضرر للآخرين وكان في القعر.. في "المنطقة المظلمة". ولم يكن يعرف بوجود أورمزد. وأخيراً طلع من تلك الهاوية وأتى إلى المحل الباهي. ولما شاهد نور أورمزد ذلك اشتغل بالأضرار".
(6) توجد مشابهة بين هاتين الروايتين، وهي أن عزازيل و"أهرمن" دخلا الوجود في سجن أو في الهاوية، وصعد كل منهما من هناك، وبذلا جهدهما في الإضرار بخلق الله.
المذيع (6) وهل هناك معتقدات زرادشتية أخرى تأثر بها القرآن؟
الإجابة: نعم
(1) نور محمد:
1ـ ورد في (قصص الأنبياء) أن محمداً قال "أول ما خلق الله نوري" (ص 2 و282) وجاء في (روضة الأحباب) أن محمداً قال: "لما خُلق آدم وضع الله على جبهته ذلك النور، وقال: يا آدم، إن هذا النور وضعتُه على جبهتك هو نور ابنك الأفضل الأشرف، وهو نور رئيس الأنبياء الذي يُبعَث".
2ـ ثم انتقل ذلك النور من آدم إلى ذريته، حتى وصل إلى عبد الله بن عبد المطلب، ومنه إلى آمنة لما حبلت بمحمد.
3ـ مصدر هذه القصة هو في كتب الزردشتية، لأنه ورد في كتاب فارسي يُدعى "مينوخرد" أن الخالق خلق هذه الدنيا وجميع خلائقه ورؤساء الملائكة والعقل السماوي من نوره الخصوصي
4ـ وتذكر الأسطورة الفارسية النور الذي كان في أول رجل خلق على الأرض، ويقصدون بهذا آدم أبو البشر، انتقل من واحد إلى آخر بالتتابع، وهذا يوافق ما ذُكر في الأحاديث بخصوص نور محمد.
المذيع (7) رأينا ستة أمور من الديانة الفارسية الزرودشتية وقد تشابهت مع القرآن والحديث، فهل من جديد
الإجابة: لقد رأينا فعلا ستة مواضيع هي: الإسراء والمعراج، حور العين، الجن، الذرات الكائنات، عزازيل، نور محمد، وهنا أيضا:
(1) الصراط المستقيم:
1ـ قال المسلمون إن محمداً قال إنه بعد دينونة يوم الدين الأخيرة يُؤمر جميع الناس بالمرور على الصراط المستقيم، وهو شيء ممدود على متن جهنم بين الأرض والجنة. وقالوا إن الصراط هو أدق من الشعرة وأحدُّ من السيف، فيقع منه الكفار ويهلكون في النار.
2ـ أولاً اشتقاق كلمة "صراط" أصلها ليس من اللغة العربية، لأن "صراط" معربة من أصل فارسي، وتعني "الجسر الممدود" أو "القنطرة" التي قال الزردشتية إنها توصِّل الأرض بالجنة.
3ـ فالعبارة الآتية المأخوذة من كتاب بهلوي يسمى "دينكرت" (جزء 2 فصل 81 في قسمي 5 و6) ونصه: "إني أهرب من الخطايا الكثيرة. أحافظ على نقاوة وطهارة سلوكي وإني أؤدي عبادتك لكي لا أعاقب بعقاب جهنم الصارم، بل أعبر على الصراط، وأصل إلى ذلك المسكن المبارك المملوء من العطريات والمسر والباهر دائماً".
المذيع (8) وكيف وصلت هذه العقائد الزرادشتية إلى الجزيرة العربية وإلى محمد نفسه، وعلى افتراض أن محمدا كان أميا فكيف تثقف بكل ذلك وهي باللغة الفارسية؟
الإجابة: هذه عدة أسئلة في سؤال واحد، فبخصوص أمية محمد فقد سبق أن وضحت ذلك أن معناها ليس من لا يعرف القراءة والكتابة بل الذي لا يتبع الديانات السابقة. أما عن بقية الأسئلة فسيأتي الإجابة عنها في سياق الحديث:
(1) جاء في "روضة الأحباب" أن محمداً اعتاد محادثة ومحاورة كل من يقصدونه على اختلاف مللهم ونحلهم، وكان يخاطبهم بألفاظ قليلة من لغتهم.
(2) القصص الكثيرة الواردة في القرآن كانت متواترة بين العرب تواتراً عظيماً حتى قال الكندي عنها: "فإن ذكرتَ قصة عاد وثمود والناقة وأصحاب الفيل ونظائر هذه القصص، قلنا لك: هذه أخبار باردة وخرافات العجائز اللواتي كنَّ يدرسنها ليلهن ونهارهن".
(3) جاء في "السيرة النبوية" لابن هشام وابن إسحق أنه كان من صحابة محمد شخص فارسي اسمه سلمان.
1ـ وهو الذي أشار على محمد وقت حصار المدينة بحفر الخندق فتبع نصيحته.
2ـ وكان سلمان الفارسي أول من أشار على محمد باستعمال المنجنيق في غزوة ثقيف الطائف.
3ـ وأكد أعداء محمد في عصره أن سلمان هذا ساعد محمداً على تأليف القرآن، فقد قيل (سورة النحل 16: 103): "ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر. لسان الذين يلحدون إليه أعجمي، وهذا لسان عربي مبين". والرد على قصة أنه أعجمي هو أنه كان يجبد العربية ويترجم من الفارسية إلى العربية، وإلا فكيف عرف محمد بموضوع الخندق والمنجانيق؟
وتساؤلي هو ما رأي العلماء المسلمين في هذه الأدلة والبراهين. فلماذا يعتمون على هذه الحقائق ولا ينورون الناس عنها. نرجو أن تفيدونا بالردود المنطقية السليمة، فعقولنا ما عاد يرضيها أسلوب خطب الجمع، بل نريد ردودا مقنعة لإنسان القرن الحادي والعشرين.
اكيد الكلام دة منقول
وللحديث بقية