يعتقد المسلمين أن الإنجيل نسخ وألغى التوراة والكتب التى أوحى بها من الإله الحقيقى ولكن الحقيقة أن المسيحية هى شريعة الكمال فلم تلغى أو تنسخ أو تنقض سابقتها بل كملتها طبقاً لقول االسيد المسيح ذاته : لا تظنوا انى جئت لانقض الناموس أو الأنبياء . ما جئت لأنقض بل لأكمل" (مت 5 : 17) وعبارة انه جاء ليكمل لها معنيان: اولا:انه جاء ليكمل فهم اليهود للشريعة. فاليهود ما كانوا على فهم سليم للشريعة. حتى ان شريعة السبت مثلا كانوا يفهمونها بطريقة حرفية بحتة. فلا يعمل الانسان اى عمل فى السبت حتى فعل الخير .. لدرجة انة حينما قام السيد المسيح بمعجزة كبيرة . فى يوم سبت . وهى شفاء البصر لشخص مولود اعمى . قابلوا هذا الانسان بعد ان ابصر وإعترضوا
ولما كان فهم المسلمين خاطئ بأن الإنجيل ألغى التوراة فمن أين أتى محمد بفكرة الناسخ والمنسوخ فلا بد أن يكون هناك مصدر شائع ومعروف ومعاش فى عصره ويقول المؤرخون أن أباطرة الإمبراطورية الرومانية الوثنية وكانوا يعتبرون نفسهم آلهة ويجبرون شعوبهم وجنودهم بالتبخير لتماثيل هؤلاء الأباطرة كانوا يصدرون أوامر وتتلى فى الأسواق والأماكن العامة وفى بعض الأحيان يصدرون أمراً مخالفاً أو ضد الأمر السابق ويقولون أن هذا الأمر أو هذا القرار ألغى ونسخ القرار السابق والقرآن كتبه محمد مقلداً لطريقة الأوامر الأباطرة الرومان الوثنيين بنسخ وإلغاء ما قيل
*******************************************************
49
الناسخ والمنسوخ فى القرآن
النسخ معناه الإلغاء وفى النص القرآنى الثانى ننسها يعنى ننيها لك يامحمد أو للصحابة ( عن المقداد بن معد يكرب قال قال رسول الله - صلعم – إلا انى أوتيت الكتاب ومثله معه ثلاثا ألا يوشك رجل يجلس على أريكته أى على سريره يقول
[كلمة نَسَخَ] (1) في قواميس اللغة العربية معناها: أزال، أو أبطل. وهذا بالطبع غيْرُ المعنى المعروف وهو أن ينسخ كتابا أي ينقل صورة منه. وقد جاء في المعجم الوسيط لمجمع اللغة العربية بالقاهرة (ص 917) "نسخ الشيء أي أزاله، ويقال نسخ الله الآية: أي أزال حكمها، وفي التنزيل العزيز: {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها} ويقال نسخ الحاكم الحكم أو القانون: أي أبطله
* عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حرام فحرموه
* وقبل الشروع فى المقصود لا بد من ذكر مقدمه تكون مدخلا الى معرفة المطلوب يذكر فيها حقيقة النسخ ولوازمه وتوابعه
* اعلم أن النسخ له إشتقاق عند أرباب اللسان وحد عند أصحاب المعانى وشرائط عند العالمين بالأحكام
* فالنسخ فى اللغه عبارة عن إبطال شئ وإقامه آخر مكانه ( والنسخ فى اللغة بإزاء معنيين أحدهما الزوال على جهه الإنعداك والثانى على جهه الإنتقال كقولهم نسخ الشيب الشباب , ونسخت الشمس الظل أى أذهبته وحلت محله , ونسخ الى غير بدل ورفع الحكم وإبطاله من غير أن يقيم له بدلا كالقول نسخت الريح الديار أى أبطلتها وأزالتها , أما النسخ بمعنى النقل كالقول نسخت الكتاب إذا نقلت ما فيه وليس المراد إعدام ما فيه كقوله تعالى " انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون " يريد نقله إلى الصحف أو من الصحف الى غيرها غير ان المعروف من النسخ فى القرآن هو إبطال الحكم مع إثبات الخط وكذلك هو فى السنة أو فى الكتاب أن تكون الآية الناسخة والمنسوخة لا يعمل بها مثل عدة المتوفى عنها زوجها كانت سنة لقوله يتربصن بأنفسهن أربعه أسهر وعشرا .. الخ
والواضح من الأمثله السابقه التى أوردها تفسير الجلالين أنها ملاحظات مرئية من الحياه اليوميه تفسر الناسخ من المنسوخ وتوضح وتقرب معناه إلى القارئ كما وضع الشروط التى يمكن تطبيقها وسرد أيضا السور التى لم يدخلها الناسخ والمنسوخ وسور أخرى بها ناسخ وليست فيها منسوخ وأخرى دخلها الناسخ والمنسوخ ..الخ إلا أنه من الأساسيات البديهيه أن ما ينطبق على نسخ كل من :- الشمس والظل والشيخ والشباب , والريح والديار لا تنطبق على كلام الله الأزلى لأن الأمثله السابقة هى من المتغيرات , والله ثابت , ولهذا لا يمكن تطبيق الثابت على المتغير أو العكس –
الناسخ والمنسوخ
تمتع كتاب "الناسخ والمنسوخ" (2) الذى ألفه أبو القاسم هبة الله بن سلامة [ت410] بتأييد واسع وشهرة حتى أصبح نموذجاً لمعظم الكتب اللاحقة التى تناولت هذا الموضوع وقد قسم الآيات المنسوخة في القرآن إلى ثلاثة أنواع وأصبحت شبه معتمدة من جميع علماء المسلمين وقد لوحظ سهولة هذا التقسيم ويعتمد على الشكل الحالى للقرآن ويعتبر العلماء أنه الشكل الذى رتبه عليه محمد صاحب الشريعة الإسلامية :
النوع الأول ما نُسخ تلاوته وحكمه. أي بعد كتابته وقراءته لم يكتبوه ولم يقرأوه!
النوع الثاني ما نُسخ حكمه وبقيت تلاوته. وهو مقدار كبير من آيات القرآن يقرأونها ويعتقدون أن أحكامها ملغية فلا يعملون بها! .
النوع الثالث ما نُسخت تلاوته وبقي حكمه. وأمام هذا النوع: نسأل لماذا يكلفنا الله أن نعمل بآيةٍ غير موجودة؟ ألم يكن الأولى أن تبقى في كتابه حتى يحاسبنا بمقتضاها؟
وبحسب هذا التقسيم المبسط يدخل فيه ما يلى :-
** يعد منسوخاً أيضاً كل ما ضاع قسراً خارج عن إرادة محمد رسول الإسلام
** يعد منسوخاً كل الآيات التى لم تضم إلى جمع القرآن الذى قام به خلفاء محمد رسول الإسلام
** بالإضافة إلى ما سبق يعتبر علماء المسلمين وبالأخص هبة الله ، أن عدداً كبيراً من ألايات منسوخاً وهى ألآيات التى فقدت فائدتها العملية بفقدان زمنها وحادثتها والمناسبة التى قيلت فيها وعلى هذا الأساس تعتبر على سبيل المثال ، ألآيات التى يطلب فيها الله من محمد أن يحتمل الإهانات والإضطهادات بصبر ، آيات نسخت من بعد أن تبدلت أحواله تماماً فلم يكن من الممكن الحديث عن سريان فعلها ، وتتسع دائرة الآيات المنسوخة أحياناً إلى الحد الذى يدفه إلى السخرية كما سبق للسيوطى أن رأى بوضوح (3) إذا أخذنا الشكل الحالى بعين الإعتبار لوجدنا فيه :
-- إما المنسوخ والناسخ معاً
-- أو المنسوخ فقط (4)
-- أو الناسخ فقط
ويعتقد أن الذى أدى إلى هذه المشكلة هو الخليفة عثمان بن عفان لم يراعى موضوع الناسخ والمنسوخ ولم يدقق فيه حينما جمع القرآن وعندما حرق القرآئين وضع الإسلام فى مأزق محرج فلا يوجد مرجع أصلى يمكن الرجوع إليه وهناك حقيقة أن هناك نوعان مختلفان من الآيات المنسوخة يمكن التمييز بينهما
--- بعض الايات أبطل حكمها بواسطة تنزيل صريح وهذا ينطبق بصورة خاصة على التشريعات التى يجب أن ترافق تبدل الظروف ومجموع هذه الآيات كثير بالنسبة للمجموعة التالية
--- أما البعض الآخر فنسخ بنهى محمد أو أصحابه حول قرائة هذه الآية أو تلك أو كتابتها لأحد الأسباب وعدد هذه المجموعة قليل
والمفاجأة أن نعلم من حديث واحد فقط أن محمداً شطب بنفسه إحدى آيات القرآن (5) التى كان قد أملاها قبل وفيها يجيب محمد على تعجب أبن مسعود من إختفاء صفحة من كتابة مصحفة ووجد بدلاً منها صفحة بيضاء .
" روى النحاس أن أبا عبيد الله يحتج بأحاديث صحيحة السند من بينها رواية واردة عن عبد الله بن مسعود إذ قال: أقرأني النبي صلى الله عليه وآله آية وسورة فحفظتها وأثبتها في مصحفي فلما كان الليل رجعت إلى حفظي فلم أجد منه شيئا وغدوت على مصحفي فإذا الورقة بيضاء فأخبرت النبي صلى الله عليه وآله بذلك فقال لي:" يا ابن مسعود تلك رفعت البارحة."
( ابن خزيمة، كتاب الموجز في الناسخ والمنسوخ الصفحة 261 منشورا ملحقا بكتاب النحاس أبو جعفر الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم ).
أسئلتي:
ويقول الشيخ مصطفى : " التناقض إذا هو صفه أصلية من صفات القرآن ولا يمكن لأى إنسان حاول دراستة والوقوف على ما جاء فيه أن يحظى برؤية خط واحد يسير عليه , وعلماء الإسلام يضعون هذا التناقض تحت بند ( الناسخ والمنسوخ )
سور القرآن الناسخة والمنسوخة
سور لم يدخلها ناسخ ولا منسوخ سور دخلها الناسخ والمنسوخ سور فيها ناسخ وليس فيها منسوخ سور دخلها المنسوخ ولم يدخلها ناسخ
43 سورة وهي 25 سورة:- خمس وعشرون سورة، أولها البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنفال، والتوبة، وإبراهيم، والكهف، ومريم، والأنبياء، والحج، والنور، والفرقان، والشعراء، والأحزاب، وسبأ، وغافر، والشورى، والذاريات، والطور، والواقعة، والمجادلة، والمزمل، والكوثر، والعصر وهي ست سور:- ست سور: الفتح، والحشر، والمنافقون، والتغابن، والطلاق، والأعلى.
هي 40 سورة، أربعون سورة، أولها الأنعام ثم الأعراف، يونس، هود، الرعد، الحجر، النحل، الإسراء، الكهف، طه، المؤمنون، النمل، القصص، العنكبوت، الروم، لقمان، المضاجع، الملائكة، الصافات، صَ، الزمر، الزخرف، الدخان، الجاثية، الأحقاف، محمد، قَ، النجم، القمر، الامتحان، نون، المعارج، المدثر، القيامة، الإنسان، عبس، الطارق، الغاشية، التين، الكافرون.
وبالنظر إلى الجدول السابق نستطيع القول أنه إذا جرد القرآن من الناسخ والمنسوخ مائة وأربع عشرة سورة. لإصبح كراسة صغيرة. ومع ذلك ادَّعوا أن القرآن المعجزة الكبرى
ومن العجيب أن فقهاء المسلمين أنهم جعلوا الناسخ قبل المنسوخ. قال ابن العربي : " من عجيب المنسوخ قوله خذ العفو فإن أولها وآخرها وهو واعرض عن الجاهلين منسوخ، ووسطها محكم وهو وأْمُر بالعرف " (الأعراف 7: 199). وقال : " ومن عجيبه أيضاً آية أولها منسوخ وآخرها ناسخ ، وهي قوله: " عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم " (المائدة 5: 108). يعني بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فهذا ناسخ لقوله عليكم أنفسكم (الإتقان في علوم القرآن للسيوطي باب الناسخ والمنسوخ).
*******************
المراجع
(1) ربما إقتبس العرب الكلمة العربية نسخ المستخدمة من هذا المفهوم الغريب بإلغاء ونسخ ما قيل عن اللغة الآرامية رغم أن ذاك المعنى لكلمة لم يحفظ فى اللغة الآرامية التى نعرفها
(2) طبعة القاهرة ص 9 وقارن أيضاً ديار بكرى "تاريخ الخميس" طبعة القاهرة 1283 ÷ـ 1 ص 15 و" الإتقان فى علوم القرآن" ص 516
(3) الإتقان ص516 تأجح المفسرين حول هذا الموضوع وقد عرض عرضا دقيقاً لأنه ذو أهمية بالنسبة للفقه والتاريخ والعقيدة ، ومما يثير الإهتمام والدهشة مثلاً أن البخارى وصايا & 18 ينفى أن تكون سورة النساء 4: 8/ 9 من المنسوخات - عن سعيد بن جبير عن أبن عباس رضى الله عنهما قال ان ناساً يزعمون أن هذه ألاية نسخت لا والله ما نسخت ولكنها مما تهاون الناس" وتعرض الجلالين له ايضاً فى تفسيره [ (وإذا حضر القسمة) للميراث (أولوا القربى) ذوو القرابة ممن لا يرث (واليتامى والمساكين فارزقوهم منه) شيئاً قبل القسمة (وقولوا) أيها الأولياء (لهم) إذا كان الورثة صغاراً (قولاً معروفاً) جميلاً بأن تعتذروا إليهم أنكم لا تملكونه وأنه للصغار وهذا قيل إنه منسوخ وقيل لا ولكن تهاون الناس في تركه وعليه فهو ندب ، وعن ابن عباس واجب ] كما تعرض له الطبرى أيضاً فى تفسيره لسورة البقرة 2: 106/ 100 لهذه النقطة بإسهاب أكثر من غيره.
(4)"ر’فعت بالسنة" ويعتقد المسلمون أن ألاية رفعت بالسنة وتتعدد الآراء وتنقسم حول هذه النقطة قارن البيضاوى والطبرى فى تفسير سورة البقرة 2: 106/ 100 مخطوط cod. Peterm (كتاب لعبد القادر بن طاهر البغدادى المتوفى سنة 429 هـ فى الناسخ والمنسوخ مستقل عن هبة الله) وراجع الإنقان ص 515 goldzihwr, Muh . Stud. ii, 20
عن ابن مسعود قال. أقرأني رسول الله آية فحفظتها وكتبتها في مصحفي، فلما كان الليل رجعت إلى مصحفي فلم أرجع فيها بشيء وغدوت على مصحفي، فإذا الورقة بيضاء، فإخبرت النبي فقال لي: يا ابن مسعود تلك رفعت البارحة. تاريخ القرآن للأبياري ص 166.
(5) وتظهر هذه القصة بشكل مختلف فى تفسير القرطبى لسورة البقرة 2: 106/ 100 وبتزيين رائع فى الإتقان ص 526 حيث ينسى رجلان إحدى السور فى الوقت نفسه
روى السيوطي في الدر المنثور عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف إن رجلاً كانت معه سورة فقام من الليل فقام بها فلم يقدر عليها وقام آخر بها فلم يقدر عليها، وقام آخر فلم يقدر عليها، فأصبحوا فأتوا رسول الله فاجتمعوا عنده فأخبروه، فقال: إنها نسخت البارحة. الدر المنثور 1/198 ط 1990.