الادعاء الثاني
حدوث التحريف بعد زمن محمد
يوجد فريق آخر من المشككين في صحة الكتاب المقدس، وقد ثبت لهم أن ما يقوله الفريق الأول من المدعين بوقوع التحريف قبل زمن النبي محمد هو ادعاء باطل بحسب ما أوضحنا من أدلة وبراهين من آيات القرآن الكريم نفسه، فقالوا لا بل حدث التحريف بعد زمن محمد!!!
وللرد على هذا الادعاء نورد ما يشهد به القرآن الكريم عن بطلان هذا الادعاء أيضا:
أولا: القرآن الكريم يشهد أن الكتاب المقدس
هو ذكر من عند الله ولذلك فهو يحفظه من التحريف:
(1) القرآن يشهد أن الكتاب المقدس ذكر من عند الله:
1ـ سورة الأنبياء (7):
"وما أرسلنا قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر أن كنتم لا تعلمون"
ما معنى الذكر؟ يجيب الإمام عبد الله يوسف علي في (تفسيره ص648) [الذكر هو الرسالة التي من الله] وقد تكررت هذه الآية بنفس ألفاظها في:
2ـ سورة النحل (43):
"وما أرسلنا قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر أن كنتم لا تعلمون"
بهذا يتأكد لك أن الكتاب المقدس هو ذكر من عند الله.
(2) والقرآن يشهد أن الله يحفظ الذكر من التحريف:
سورة الحِجْر (9): "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"
يجدر الإشارة هنا إلى اسم السورة فالبعض ينطقها خطأ بسورة الحَجَر، ولكن النطق السليم لها هو سورة الحِجْر (انظر آية 80 من نفس السورة)، نسبة إلى جبل الحِجْر على بعد 150 ميل شمال المدينة المنورة وهي ما كانت تعرف بمنطقة تمود (تفسير القرآن للإمام عبد الله يوسف علي ص 632) [ما علينا]
الواقع أن الذين يطعنون في صحة الكتاب المقدس المنزل من الله ذكرا ونورا وهدى، إنما يطعنون في القرآن نفسه الذي يقول أن الله يحفظ الذكر، فلو كان الكتاب المقدس قد حرف يكون الله لم يستطع أن يحفظه. وينسب إلى القرآن عدم الصحة بل والتحريف! فهل يقبل أي مسلم ذلك؟؟؟
ثانيا: الآيات القرآنية تشهد أن القرآن نفسه
يحفظ الكتاب المقدس من التحريف:
1ـ سورة المائدة (48):
"وأنزلنا إليك الكتاب (أي القرآن الكريم) بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب (أي الكتاب المقدس التوراة والإنجيل) ومهيمناً عليه.
ما معنى مهيمنا عليه؟ يقول المفسرون الأفاضل أن معنى مهيمنا عليه هو: حافظ له من التحريف. (انظر تفسير الإمام عبد الله يوسف علي ص 263)
فلو صح قول المعترضين بأن الكتاب المقدس محرف، فإنهم في الواقع يطعنون في القرآن الكريم نفسه بأنه لم يستطع أن يهيمن على الكتاب المقدس بحسب نص هذه الآية، وهذا طعن في صحتها!! وحيث أنهم لا يقبلون الطعن في صحة آيات القرآن الكريم إذن فليس أمامهم إلا أن يتراجعوا عن ادعائهم الذي يدعونه بتحريف الكتاب المقدس.
ثالثا: القرآن يشهد أن الكتاب المقدس
هو كلام الله، ولذلك لا يمكن تحريفه أو تبديله:
(1) القرآن يشهد أن الكتاب المقدس هو كلام الله المنزل:
1ـ سورة العنكبوت (46): "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن … وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وانزل إليكم وألهنا وإلهكم واحد"
2ـ سورة النساء (135): "يا أيها الذين آمنوا ، آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل (أي التوراة والإنجيل)، ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا"
[وانظر أيضا سورة المائدة 44،46،47،68/ وسورة البقرة 87،146/ وسورة الإسراء2،55/ وسورة الأنعام 92،156/ وسورة المؤمنون 49/ وسورة النساء 163/ وسورة فاطر 25/ وسورة النحل 43/ والأنبياء 25/ والحديد 27/ والعنكبوت 46/ ويونس 94] وكلها تشهد أن الكتاب المقدس منزل من الله.
وبما أن الكتاب المقدس منزل من عند الله إذن فهو كلامه. فكيف يقول المعترضون أن كلام الله قد حرف؟؟ ألا يطعنون أيضا بهذا الكلام في القرآن نفسه الذي يقول أنه لا تبديل لكلمات الله؟!
(2) القرآن يشهد أن كلام الله المنزل لا يمكن تبديله:
1ـ سورة يونس (64): "لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم"
2ـ سورة الأنعام (34): "ولقد كُذَّبَت رسلٌ من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذُوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله"
وخطورة هذه الآية يكمن في أن القول "لا مبدل لكلمات الله لم تقل بخصوص القرآن الكريم في هذه الآيه بل بخصوص الأنبياء الذين قبل محمد إذن فهي تخص الكتاب المقدس" وهذه شهادة قوية على أن الكتاب المقدس لم يتبدل ولم يتغير ولم يحرف.
[وانظر أيضا سورة الكهف (27)]
هذه الآيات تقول بصريح العبارة أن كلام الله لا يمكن أن يتغير أو يتبدل.