قصة الصبي ومجد العيد
عندما اقتربت احتفالات الميلاد، قرأ صبي في مرحلة الدراسة الابتدائية قصة ميلاد المسيح، ورأى كيف جاء المجوس الحكماء من بلاد بعيدة ليسجدوا للوليد في المذود، وقدموا له الهدايا.
وقبل عيد الميلاد بأيام قليلة حلم أنه يسير مع بعض الرعاة البسطاء، ولما سألهم عن وجهتهم أجابوه أنهم ذاهبون ليروا طفلاً وُلد حديثاً، فسار معهم حتى وصل إلى مذود يرقد فيه طفل صغير، فأدرك فوراً أن حلمه عاد به ألفي سنة إلى الوراء، وأنه يزور بيت لحم، وأن الوليد الراقد في المذود هو السيد المسيح.
وعندما اقترب الصبي من الطفل كلَّمه الطفل من مذوده، فاندهش، ولكنه سمعه يقول له بوضوح: “أريدك أن تقدّم لي ثلاث هدايا”. فأجابه بحماس: “سيسرُّني أن أعطيك حُلَّتي الجديدة التي أهداها لي أبي بمناسبة العيد، وسأهديك قطاري الكهربائي الجديد الذي اشتراه لي عمي بمناسبة العيد، وسأهديك الكتاب المصوَّر الجميل الذي أهداه لي خالي بمناسبة العيد أيضاً”.
فقال الطفل الراقد في المذود: “أنا أريد ثلاثة أشياء غير هذه الأشياء الثلاثة التي ذكرتها. أريد أن تخبرني ما قلته لوالدتك عندما سألتك عن كوب اللبن الذي كسرته”. فخجل الصبي من نفسه، وقال والدموع في عينيه: “لقد كذبت عليها، وقلت لها إنه وقع مني على الأرض وانكسر”. فقال الوليد في المذود: “من الآن فصاعداً أريدك أن تجيئني بكل الأشياء السيئة التي فعلتَها. إني أقدر أن أساعدك، بأن أغيِّر مسار حياتك”.
ومضى الوليد في المذود يقول للصبي: “والشيء الثاني الذي أطلبه منك هو درّاجتك التي لم تعُد تركبها” فأجاب: “ولكنها مكسورة” فقال الوليد في المذود: “أريد أن تحضر لي كل شيء مكسور في حياتك، وسأصلحه لك” فأجابه: “أعدك أن أفعل”.
ثم قال المولود في المذود للصبي: “أريد موضوع الإنشاء الذي كتبته الأسبوع الماضي”. فارتعش الصبي وقال: “ولكنني أخذت فيه أربعة من عشرة، وقال المدرِّس لي إنه دون المستوى”. فقال الوليد في المذود: “لهذا السبب نفسه أطلب أن تعطيني هذا الموضوع. وفي كل مرة تفعل شيئاً دون المستوى أحضره لي، فسأساعدك لتفعله بصورة أفضل”. فأجاب الصبي: “أعدك أني سأفعل”.
واستيقظ الصبي من نومه، وفي قلبه فرحة، لأنه أدرك لأول مرة في حياته بركات عيد الميلاد، فقد عرف سبب مجيء المسيح إلى العالم. لقد وُلد في المذود لثلاثة أهداف:
ليغيِّر مسار حياة كل من يسلِّم حياته له،
وليجبر كل مكسور،
وليُصلح كل ما هو دون المستوى،
فإن ابن الإنسان قد جاء ليطلب ويخلِّص ما قد هلك…
وهذا هو مجد عيد الميلاد الذي يمكن أن يكون من نصيب كل واحد منا اليوم.1
1- إنه مجد تغيير الحياة:
ويوم تتغير الحياة يصبح العيد عيداً حقيقياً، تفرح فيه الروح والنفس والجسد. كما هو مكتوب “إن كان أحدٌ في المسيح فهو خليقة جديدة” (2كورنتوس 5: 17).
سيكون عيد ميلاد هذه السنة مجداً لكل شخص غير راضٍ عن سلوكه، ولكل من يحزنه الإحساس بالذنب، ولكل من يعذِّبه ضميره، ولكل مهزوم أمام عادة سيئة أو صداقة فاسدة. فعند المسيح أمل لك بتغيير مسار حياتك.
2- وهو مجد جبر القلوب المنكسرة:
عندما دخل المسيح مكان العبادة في بلده الناصرة، كانت القراءة المعيَّنة لليوم من نبوَّة إشعياء، من الأصحاح الحادي والستين، فقرأ المسيح: “روح الرب عليَّ، لأن الرب مسحني لأبشّر المساكين، أرسلني لأعصب منكسري القلوب، لأنادي للمسبيين بالعتق وللمأسورين بالإطلاق، ولأنادي بسنةٍ مقبولة للرب… لأعزّي كل النائحين، لأعطيهم رداء تسبيحٍ عوضاً عن الروح اليائسة”.
وما أكثر منكسري القلوب بسبب الفشل، أو بسبب نقص احترام الذات، أو بسبب خيانة العشير، أو بسبب الانتظارات الخائبة… وعند المسيح اليوم رسالة أمل.
مرَّ المسيح بامرأة منحنية مدة ثماني عشرة سنة، ولم تقدر أن تنتصب البتة، فوضع عليها يديه وشفاها، فاستقامت وأخذت تمجد الله (لوقا 13). وهو لا يزال يفعل الشيء نفسه، فهو الحي الذي يريد أن يجبر كسر قلبك ويرفع روحك المعنوية المنحنية
3- وهو مجد إصلاح كل ما هو دون المستوى:
إن كانت حالة أحدنا مثل حالة الملك بيلشاصر الذي قال الله له على لسان النبي دانيال: “وُزنت بالموازين فوُجدت ناقصاً” فإن مجد العيد لك اليوم يمكن أن يكون تكميل الناقص. كان الرسول بطرس يظن أنه أكثر أمانة للمسيح من سائر التلاميذ، ولكن تقييمه الخاطئ لنفسه ولباقي زملائه اتَّضح له لما أنكر المسيح. ولكن المسيح في محبته أعاد تأهيل تلميذه وأعاد تكليفه ليحمل رسالة محبة الله لكل الناس.
* * *
سيكون عيد الميلاد مجيداً لكل شخص غير راضٍ عن حياته، يُقبِل إلى المسيح طالباً التغيير.
وسيكون مجيداً لكل منكسر القلب، يأتي إلى المسيح فيجبر كسره ويعزي قلبه. وسيكون مجيداً لكل من هو غير سعيد بمستواه، يأتي إلى المسيح فيرفعه إلى المستوى اللائق بمن يحبون الله