كنيسة فيلادلفيا
معنى كلمة فيلادلفيا هو محبة الإخوة. وهذه تشير للعصر الأخير قبل مجىء ضد المسيح. ومحبة الإخوة تشير لعصر وحدة وتآلف بين الكنائس يسمح به الله ليسبق الأيام الصعبة عند ظهور ضد المسيح. وكما قلنا من قبل فإن كنيسة لاودكية الأخيرة تمثل زمن مجىء ضد المسيح التي سيكون فيها ضيق لم ولن يكون مثله (دا1:12). وتكون وحدة الإخوة كإستعداد لمواجهة هذه الأيام الصعبة.
ومشكلة هذه الكنيسة:- لأن لك قوة يسيرة = فهم عندهم قوة يسيرة هذا بالرغم من انهم لم ينكروا الإيمان بالمسيح. وهذه الحالة قد تصيب الإنسان وبالذات الخدام حين يواجهون مشاكل كثيرة. وأمام ضغط المشاكل التي تبدو بلا حل ومن كثرتها يصاب الخادم بشىء من الإحباط وأنه على مشارف اليأس. فالمشاكل كثيرة وأكبر من طاقته. والسيد المسيح يبغض هذا الشعور. فالكنيسة بيت الله هي كنيسته هو وما نحن سوى خدام لديه وألات في يديه لذلك يجب أن يتغلب على شعور الإحباط هذا، بالإتكال على الله من كل القلب، عارفين قوته وأن الخدمة هي خدمته. هذه الحالة هي حالة الكنيسة في فترة ما قبل ضد المسيح حيث يبدأ فك الشيطان فتزداد الخطايا والعثرات وتزداد المشاكل جداً.
والمسيح يشجع هذا الملاك ويقول له = قد حفظت كلمتى ولم تنكر إسمى = فهو إنسان صالح ولكنه يشعر أنه لا يقوى على العمل بسبب مشاعر الإحباط التي يواجهها.
ومن له ثقة وإيمان يعلم أن الله سوف يظهر مجده وبالتالى بإيمانه هذا وثقته هذه يعمل الله فيه ويشعل الخدمة معه، أما من له قوة يسيرة فلن يقوى إلا على أن يخلص نفسه فقط. هذا الملاك مشكلته أنه ظن أن الأبواب مغلقة أمامه من كثرة المشاكل.
والصورة التي ظهر بها المسيح لهذه الكنيسة هي صورة القادر على كل شىء فلماذا الإحباط؟
الذى يفتح ولا أحد يغلق ويغلق ولا أحد يفتح = إذا الخادم عليه أن يعمل بلا كلل ولا ملل ولا يأس، لكن الله هو الذي يتولى حل المشاكل وقتما يريد فهو المسئول عن الكنيسة وعن خلاص النفوس، ويستخدمنا كآلات فى يديه. ضرب السيد المسيح هذا المثل لشرح هذه الحقيقة "هكذا ملكوت الله كأن إنساناً يلقى البذار على الأرض وينام ويقوم ليلا ونهارا والبذار يطلع وينمو وهو لا يعلم كيف" (مر27،26:4) القدوس الحق = يقف السمائيون أمام الله يتأملون في عظمته وقدرته وقوته وجبروته ومحبته ومجده، فيفرحون به ويسبحونه قائلين قدوس قدوس قدوس وبتسبحتهم هذه تشتعل قلوبهم بنار محبته لقداسته ومجده.
وبولس الرسول يعلمنا أنه لكى نمتلىء بالروح القدس علينا أن نسبح ونرنم ونرتل (أف19،18:5). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). وهذه الصورة للمسيح هنا أنه القدوس الحق تعلمنا أن نعمل عمل السمائيين أي نتأمل في الله القدوس ونسبحه مثلهم فتشتعل قلوبنا محبة له وثقة فيه عوضا عن الإحباط، فنعمل ونخدم بأمانة. وكلما خدمنا بأمانة نكتشف يد الله القدوس معنا، والله الحق الذي ينتصر على الباطل، فتلتهب قلوبنا داخلنا ولا يعود لنا قوة يسيرة، بل نعمل بقوة كما بنار وتلتهب مشاعرنا بالرغبة في الخدمة، وهو الذي يفتح ولا أحد يغلق، فهو يفتح أمامنا الطريق ولنلاحظ أن هناك نوعين من المشاعر الخاطئة قد تصيب الخادم:-
1. الأول هو الشعور بالكبرياء لنجاح خدمته وإحساسه بانه هو الذي يعمل.
2. الثانى هو الشعور بصغر النفس واليأس وأنه لا أمل في حل المشاكل.
أما الشعور الصحيح فهو أن الله هو الذي يعمل فالحرب له وليست لنا. لذلك نسمع قول الرب هنذا قد جعلت امامك بابا مفتوحا ولا يستطيع أحد أن يغلقه. والله يفتح لمن له غيرة مقدسة وقلب مملوء ثقة وإيمان ويصلى بلجاجة
ونحن نعانى من نوعين من المشاكل:
1. مشاكل حالية نعرفها.
2. مشاكل مستقبلية مجهولة نتوقعها ونخشاها.
والله بهذا يعطى الإطمئنان لكل منا بانه المسئول عن حل المشاكل الحالية والمستقبلية فلماذا الخوف؟
ولأن هذه الكنيسة تسبق زمنيا فترة نهاية العالم ومجىء ضد المسيح فنسمع فيها عن نبوتين:
1. عودة اليهود.
2. التجربة العتيدة أن تجرب العالم كله في نهاية الأيام.
نبوة بعودة اليهود:- عودة اليهود للإيمان هي من علامات الأيام الأخيرة كما نفهم من رسالة رومية ص 11. وهنا نبوة واضحة بعودتهم ففترة كنيسة فيلادلفيا زمنيا هي فترة نهاية الأيام وقبل مجىء ضد المسيح مباشرة. هنذا أجعل القائلين أنهم يهود.. هنذا أصيرهم يأتون ويسجدون = وليس من الخطأ أن نشعر أننا نقترب من ايام النهاية، ولكن الخطأ كل الخطأ أن يتجاسر أحد ويحدد يوما أو سنة للنهاية. ومما يعطينا الشعور بإقتراب النهاية إيمان اليهود المتزايد بالمسيح هذه الأيام. والإحصائيات تقدر عدد المؤمنين منهم بالمسيح من اليهود الموجودين بدولة إسرائيل بحوالى 60.000 مؤمن يسمون أنفسهم اليهود الماسيانيين. أما الذين مازالوا على عنادهم ورفضهم للمسيح وإهانتهم له فيسميهم مجمع الشيطان من القائلين أنهم يهود وليسوا يهود بل يكذبون.
ولأن أيام ضد المسيح ستكون أياماً صعبة جدا، فهنا نجد أن الرب يعطينا طمأنينة أنه سيحفظ أولاده. أنا أيضا سأحفظك من ساعة التجربة العتيدة أن تأتى على العالم كله لتجرب الساكنين على الأرض. ولاحظ أن هذا الكلام يسبق كنيسة لاودكية مباشرة التي تمثل فترة ضد المسيح أي فترة التجربة العتيدة أن تجرب الساكنين على الأرض. وقوله ها أنا آتى سريعا يشير لأن هذه التجربة (ظهور ضد المسيح) تسبق مباشرة مجىء المسيح الثانى للدينونة. وحقا فاليهود يوجد منهم كثيرون يؤمنون الآن. ولكن هذه الآيات تشير أيضا لعودة كثير من الخطاة إلى أحضان الله والله القادر على كل شى قادر أن يعيد أشر الخطاة ويجعلهم شهوداً وخداما له.
إلا أن عودة اليهود وسجودهم هذا يفسر لكنيسة فيلادلفيا نفسها أيام يوحنا بإيمان بعض اليهود المقاومين للكنيسة في وقتها. وهكذا تفهم كنيسة فيلادلفيا أيام يوحنا أن ساعة التجربة العتيدة أن تجرب العالم كله هي إضطهاد الدولة الرومانية للكنيسة. والله سيحفظ إيمان الكنيسة ويعزيها في هذا الوقت.
لأنك حفظت كلمة صبرى = أضاف الصبر إلى الكلمة لأن الإيمان المسيحى ينبغى أن يقترن بالصبر أمام الضيق والإضطهاد. ومن يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص.
ها أنا آتى سريعا = لأن كنيسة فيلادلفيا تسبق كنيسة لاودكية التي تعبر عن نهاية الأزمنة ومجىء المسيح الثانى، نسمع هذه العبارة ولكنها تعنى لكل واحد منا أن ساعة إنتقالنا للسماء آتية سريعاً فلنصبر على آلام هذا العالم بلا جزع ولا إضطراب.
تمسك بما عندك لئلا يأخذ أحد أكليلك = أحسن شرح لهذه الآية هو قصة شهداء سبسطية الأربعون. فالمتردد الذي ترك بحيرة الثلج وذهب للماء الدافىء منكراً المسيح فقد إكليله وأخذه بدلا منه الجندى الذي آمن بالمسيح ونزل في بحيرة الثلج بدلا منه. وهذه الآية تنفى أن للرب مختارين عينهم للحياة الأبدية، ومرفوضين عينهم للهلاك. لأنه إن كان هذا الأسقف مختارا فما معنى لئلا يأخذ أحد إكليلك وإذا لم يكن مختارا فما معنى تمسك بما عندك. الحقيقة أن الله يريد أن الجميع يخلصون (1تى4:2)، أما القرار فهو قرارى وبحريتى الشخصية. وهذا لا يمنع معونة الله حتى يكون القرار الذي أتخذه لصالح خلاص نفسى، والمعونة قد تكون بالتشجيع أو بالتأديب. ولاحظ أنه قيل عن اليهود= مجمع الشيطان= فهم بعد أن كانوا شعب الله، وإبن الله البكر فقدوا هذه النعمة بإختيارهم الخاطىء وقيل عنهم مجمع الشيطان. فلنحذر لئلا نفقد النعم التي أعطاها الله لنا.
يأتون ويسجدون = هو سجود الإحترام وليس العبادة وهذا رد على من ينكر السجود أمام الأب البطريرك أو الأساقفة.
أنا أيضا سأحفظك من ساعة التجربة = هذه الآية رد على البلاميس الذين يقولون أن المؤمنين سيختطفون على السحاب وأن الضيقة ستأتى على الأشرار فقط. وهنا نرى أن الضيقة ستشمل العالم كله، لكن الله سيحفظ المؤمنين. وقيل أنها تجربة لأنها تجرب المؤمنين أي تنقيهم، أما الأشرار الهالكين فلن يستفيدوا منها، لن تكون تجربة بالنسبة لهم.
والوعد لمن يغلب:- أجعله عمودا = في هيكل سليمان كان يوجد عمودان إسمهما بوعز وياكين. وقيل عن الهيكل أنه كان مستندا عليهما، والبعض قال إنهما كانا فقط للزينة. وهنا الله يود أن يؤكد لكل أولاده أهميتهم لديه. فكل منا سيكون عموداً في الهيكل أو يزينه. فلماذا مشاعر صغر النفس التي تنتاب أولاد الله بالرغم من أن الله يؤكد على أهميتنا عنده. الشعور بصغر النفس يعرقل حياتنا الروحية ويعرقل الخدمة. المسيح يقول له بالرغم من قوتك اليسيرة سأجعلك عمودا ويقول له هذا لتشجيعه.
أكتب عليه إسم إلهى = المعنى أننا صرنا مخصصين لله ولخدمته وللشهادة له. ومن يحمل إسم الله لابد أن تبدو عليه مظاهر التقوى والقداسة والوداعة والفرح.
وإسم مدينة إلهى = هذه تعبر عن تحول الإنسان إلى إنسان سماوى له المواطنة السماوية هذه تشبه جواز السفر المكتوب فيه فيزا دخول بلد ما. والمدينة هي أورشليم السماوية.
وإسمى الجديد = يشير هذا لأننا في السماء سنعرف المسيح معرفة جديدة غير التي عرفناها على الأرض، سنكتشفه من جديد، ونتعرف على قدرته كإله قدير وعلى حلاوة عشرته. وتكون هذه المعرفة متجددة كل يوم، نكتشف من أعماق محبة المسيح لنا ما يجعلنا نفرح بالأكثر. وكل يوم نكتشف قدراته وصفاته فنفرح بالأكثر. فيد الله وأعماله الرائعة تظهر جديدة كل يوم وكأنها تظهر لأول مرة. وأعماله في الكنيسة الآن، وكونه يحمل كنيسته بشعبها وخدامها، وإحتضانه للكنيسة يبدو دائماً جديداً وبكل الحب.
تكرار كلمة إلهى = يشير للصلح الذي حدث بينى وبين الله الآب والذي صنعه المسيح بفدائه فنحن بالمسيح المتجسد وبفدائه رجعنا شعبا خاصا بعد أن كنا مرفوضين والمسيح يقول إلهى هنا لأنه بعد تجسده وإتحاده بجسد البشرية صار يتكلم بلسانها فالكنيسة جسده. المسيح بلاهوته واحد مع الآب ولكن بناسوته يقول إلهى.
يفتح ولا أحد يغلق ويغلق ولا أحد يفتح = الله يفتح أمام أولاده باب الرجاء والنصرة والخلاص ويغلق أمامهم أبواب الخطية والسقوط ليحميهم.
آيات 14-22 "و اكتب إلى ملاك كنيسة اللاودكيين هذا يقوله الامين الشاهد الامين الصادق بداءة خليقة الله. انا عارف اعمالك انك لست باردا و لا حارا ليتك كنت باردا أو حارا. هكذا لانك فاتر و لست باردا و لا حارا انا مزمع ان اتقياك من فمي. لانك تقول اني انا غني و قد استغنيت و لا حاجة لي إلى شيء و لست تعلم انك انت الشقي و البئس و فقير و اعمى و عريان. اشير عليك ان تشتري مني ذهبا مصفى بالنار لكي تستغني و ثيابا بيضا لكي تلبس فلا يظهر خزي عريتك و كحل عينيك بكحل لكي تبصر. اني كل من احبه اوبخه و اؤدبه فكن غيورا و تب. هنذا واقف على الباب و اقرع ان سمع احد صوتي و فتح الباب ادخل اليه و اتعشى معه و هو معي. من يغلب فساعطيه ان يجلس معي في عرشي كما غلبت انا ايضا و جلست مع ابي في عرشه. من له اذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس".
وللموضوع بقية باذن الرب
الى ان نلتقى سلام المسيح معكم