هل عمّد المسيح تلاميذه؟
أولاً:
في زمن تجسد الرب يسوع كان يوحنا المعمدان – مُعِد طريق الرب – يكرز بمعمودية التوبة لغفران الخطايا. وقد خرجت إليه (أورشليم وكل اليهودية وجميع الكورة المحيطة بالأردن واعتمدوا منه في الأردن معترفين بخطاياهم). "مت 3: 5، 6"
(وخرج إليه جميع كورة اليهودية وأهل اورشليم واعتمدوا جميعهم منه في نهر الأردن معترفين بخطاياهم). "مر 1: 5"
ثانيا:
كان تلاميذ المسيح قبلا من تلاميذ يوحنا المعمدان، الذين يلزم بالضرورة أن يعمدهم معلمهم المعمدان. وقد انضموا في ما بعد للمسيح ليكونوا له تلاميذ. اقرأ مثالا لذلك في "يو 1: 35 – 37"،
يقول الكتاب المقدس:
(وفي الغد أيضا كان يوحنا (المعمدان) واقفا هو واثنان من تلاميذه. فنظر إلى يسوع ماشيا فقال هوذا حمل الله. فسمعه التلميذان يتكلم فتبعا يسوع).
لذلك أعلنها المعمدان مدوية قائلا: (ينبغي أن ذلك يزيد وإني أنا أنقص) "يو 3: 30"
(فقال الفريسيون بعضهم لبعض انظروا. إنكم لا تنفعون شيئا. هوذا العالم قد ذهب وراءه) "يو 12: 19"
ومنه نخلص بأن التلاميذ – قبل انضمامهم لتبعية المسيح – قد تم معموديتهم على يد يوحنا المعمدان شأنهم في ذلك شأن كل أورشليم واليهودية.
ثالثاً:
أوصى الرب يسوع تلاميذه قائلا: (فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس. وعلّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به. وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر. آمين) "مت 28: 19، 20"
ومنذ ميلاد الكنيسة في يوم عيد الخمسين وحتى مجئ الرب يسوع بمجده تبقى "المعمودية" هي العلامة الخارجية والشهادة العلنية لتبعية الإنسان للمسيح وإيمانه به!
لذلك عندما سأل جمهور السامعين عن ما يلزم أن يفعلوه بعد أن نُخِسوا في قلوبهم بالروح القدس بعد سماع عظة الرسول بطرس، أجابهم الرسول قائلاً: (توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس. لأن الموعد هو لكم ولأولادكم ولكل الذين على بعد كل من يدعوه الرب إلهنا ... فقبلوا كلامه بفرح واعتمدوا وانضم في ذلك اليوم نحو ثلاثة الاف نفس) "أع 2: 38 – 41"
فلابد في كل عصر ومصر في زمن الكنيسة على الأرض أن يعلن الفرد عن انتمائه للمسيح بواسطة المعمودية.
رابعاً:
أما عن التلاميذ فلم يكونوا بحاجة إلى هذا البرهان، أي أنهم لم يكونوا في حاجة إلى المعمودية، وذلك لسببين على الأقل:
1 – ما دامت المعمودية هي البرهان الأوَّلي على تبعية المسيح، وقد كان التلاميذ تابعين فعليين للمسيح وقت تجسده، فلا حاجة لهم لبرهنة تبعيتهم له التي هي واضحة وفعلية وعيانية.
2 – أوصى المسيح تلاميذه – حين يعمِّدون أحد المؤمنين الجدد – أن يعمدوه "باسم الآب والابن والروح القدس". لكن المسيح نفسه لم يكن محتاجا أن يعمِّد لأنه أوكل هذه المهام الإرسالية لتلاميذه. (اقرأ مثلا: يو 4: 2). ولأنه في اتضاعه له كل المجد لم يكن يطلب مجد نفسه. (راجع: يو 7: 18؛ يو 8: 50؛ يو 17: 4 ..). فلا معنى أن المسيح الابن الذي هو واحد مع الآب والروح القدس يسمي باسم نفسه! لكن المؤمنين عليهم أن يفعلوا ذلك.
مثل ذلك كمثل ملك عندما يصدر أمراً يتلوه المسئولون "باسم الملك". لكن الملك نفسه لا يتلو الأمر قائلا: "باسمي ..."!!
فالنتيجة الواضحة أن التلاميذ لم يعتمدوا بالماء على يد المسيح، وإلا كان الروح القدس قد سجل لنا هذا على صفحات الكلمة الحية. وذلك لأنهم كانوا قد اعتمدوا على يد يوحنا المعمدان .. ولأنهم كانوا تابعين علناً للمسيح فلا حاجة لهم لبرهنة هذه التبعية بواسطة المعمودية.