مجنون ليلى
سنعرف بهذا الشاعر المجنون العاشق المحب المغرم لحد الجنون ..
هو قيس بن الملوح من بني عامر ..
.يسميه العرب الناطق الرسمي بأسم الحب ..
وهذا بعض اسطر من قصيدته الطويلة بليلى العامرية ..
وَدِدْتُ على طيبِ الحياةِ لو انّهُ
------------يُزادُ لليلى عُمْرُها مِن حَياتِيا
ألا يا حَماماتِ العِراقِ أَعِنَّني
----------على شَجَني، وابْكِينَ مِثْلَ بُكائِيا
يقولونَ ليلى بالعِراقِ مَريضَةٌ
-----------فيا ليتني كنتُ الطَّبيبَ المُداوِيا
تَمُرُّ الليالي والشّهورُ، ولا أرى
--------------غَرامي لها يَزدادُ إلاّ تَمادِيا
وهو يكتب الشعر منذ صغره ولكنه لم يكن يفصح للناس لكي لا يكذبوه و كان يعشق ليلى أيضا منذ صغره كما قال :
عشقتك ياليلى وأنت صغيرة
-------------وأنا أبن سبع مابلغت الثمانيا
عرف ابوها باشعاره فحرم عليه رؤية ليلى او الاقتراب من مضاربها واجتهد ليزوجها ويرتاح من عار اشعار قيس فيها.
وقد عاش قيس بقية حياتة مطروداً من مضارب بني عامر وكان وحيداً يسكن الصحراء مجنوناً هائما في حبه ..
لـ ليلى
أما عن قصة وفاته .. فهي أحزن من كل شيء ..وهذه هي كما رواها أحدى شيوخ بني مره :
يقول الرواة أن شيخا من بني مرة التقى بقيس بعد انعزاله في الصحراء وبعده عن الناس . يقول ذلك الشيخ : ذهبت أبحث عنه فأخبرني أحد أصدقائه المقربين اليه قائلا اذا رأيته فادن منه ولاتجعله يشعر أنك تهابه فانك ان فعلت فسيتهددك ويتوعدك أو يرميك بحجر فانه ان فعل ذلك فاجلس صارفا بصرك عنه فاذا سكن فأنشده شعرا غزلا من شعر قيس بن ذريح حبيب لبنى لأنه معجب به وبشعره .
يقول ذلك الشيخ أمضيت يومي من الصباح الباكر باحثا عن ذلك العاشق الهائم حتى وجدته عصر ذلك اليوم جالسا يخط على الرمل بأصبعه وحين دنوت منه نفر مني نفور الوحش من الأنس فأعرضت عنه حتى سكن وعنده أنشدت شعرا لقيس بن ذريح كنت أحفظه :
الا ياغراب البين ويحك نبنـــي بعلمك في لبنى وأنت خبير
فان أنت لم تخبر يشيء علمته فلا طرت الا والجناح كسير
يقول حين أنشدت ذلك الشعر اقترب قيس مني وقال وهو يحاول كتم بكاءه : لقد أحسن والله ذلك الشاعر ولكني قلت شعرا أحسن منه ثم أنشد :
كأن القلب ليلة قيل يفدى بليلى العامريه أو يراح
قطاة غرها شرك فباتت تجاذبه وقد علق الجناح
ويستطرد ذلك الشيخ في قصته قائلا :بعد أن أنشد قيس قصيدته بادرته بقصيده أحرى لقيس بن ذريح هى:
واني لمفني دمع عيني بالبكــــا حذارا لما قد كان أو هو كائن
وماكنت أخشى أن تكون منيتي بكفيك الا أن من حان حائن
يقول ذلك الشيخ : أن قيس ما أن سمع هذه القصيدة حتى شهق شهقة ظننت أن روحه فاضت بسببها وبكى بحرقه وقد رأيت دموعه بلت الرمل الذي بين يديه فقال وهو يغالب بكائه والله لقد أحسن ولكني قلت شعرا أحسن منه ثم أنشد :
وأدنيتني حتى اذا ماسبيتنـي بقول يحل العصم سهل الأباطح
تناءيت عني حين لالي حيلة وخلفت ما خلفت بين الجوانــح
وبعد أن أنهى قصيدته مرت بقربنا غزاله تعدو فنهض قيس يجري خلفها حتى توارى عن ناظري ويواصل ذلك الشيخ قصته قائلا :
فى اليوم التالي عدت الى نفس المكان على أمل أن التقيه فوجدت امرأة وقد وضعت طعاما في المكان الذي كان يجلس فيه قيس وانقضى ذلك اليوم دون أن ياتي قيس .. ومضت 3 أيام لم أره فيها فأخذ أهله يبحثون عنه وأنا معهم دون جدوى .
وفي اليوم الرابع وبعد سير طويل في الصحراء للبحث عنه وجدناه في وادي كثير الحجاره وهو ميت فوقها
يقال بأنه بعد أنتشار خبر وفاة قيس بين أحياء العرب لم تبق فتاة من بني جعده ولا بني الحريش الا خرجت حاسرة الراس صارخة عليه تندبه وأجتمع فتيان الحي يبكون عليه أحر بكاء وشاركهم في ذلك كافة قبيلة حبيبته ليلى العامريه حيث حضروا معزين وأبوها معهم وكان أشد القوم جزعا وبكاء عليه وهو يقول : ماعلمنا أن الامر يبلغ كل هذا ولكني كنت عربيا أخاف من العار وقبح الأحدوثه .
ولكن مات قيس ولكن أخباره لم تمت وهذه بعض منها :
عندما أخذه والده إلى الكعبه لعله يشفى من حب ليلى :
روي أن اليوم الذي حصل فيه اليقين، وقع في ثلثاءٍ يوافق العشرين من ذي الحجة في عامٍ صادفت وقفته يوم جمعة، فاجتمع يومها من الخلق ما لم يجتمع في حج من قبل وهو حج جفل منه قيس عندما أخذه والده إلى الكعبة بنصيحةٍ من الناس لعل الله يشفيه من ليلى قيل فلما طلب منه والده أن يتعلق بأستار الكعبة ويدعو الله الفرج، وقف قيس في نهدةٍ من الأرض صارخاً في البيت وأهله (اللهم زدني لليلى حباً وبها كلفاً ولا تنسني ذكرها أبداً ولا تشغلني عنها)
فبوغت أبوه، والتفتت إليه الجموع مستغربةً مستنفرةً، فمثل هذا دعاء لم يعهدوه ولم يسمعوا بمثله في هذا الموقف، فاستكبره جمهور رأى فيه بوحاً لا يليق واستهتاراً لا يسكت عنه، فشخصوا حول قيسٍ وتناهبوه، وهو يردد الدعاء ذاته، لا يغير فيه إذا لم يزد وأبوه يذود عنه مسترحماً معتذراً متعذراً بجنونٍ ألم بولده لفرط العشق لكنهم لايسمعون إليه، حتى أوشكوا عليه وفيما هو محمول يخرجونه من الحرم، ينقذونه ودمه يغسل الطريق، كان يردد بصوتٍ واهنٍ، لا يكاد يسمع : (ها أنت سمعت ها أنت رأيت)
ولما رجع قيس إلى قومه، شاع ما فعله في البيت، فوصل الخبر إلى ليلى، وشاقها أن تجتمع به، فأرسلت تدعوه، فطار إليها يريد أن يصدق وعندما دخل عليها كان محتقنا
أول من ذكر كلمة الحب ..قيس ؟؟؟..
هاج به الشوق ذات ليلٍ، فخرج ميمماً دارها، مثل ذئبٍ يتبع عطر قرينته، يجد في السعي ويلهج باسمها ويتهدج بآخر ما قاله فيها من الشعر، يتلو صلاةً كمن يقصد الفجر قبل أوانه، وأخذ يطوف حول خبائها حتى استفرد بكوةٍ تفتحها له كلما جنت إليه، فدفع خرقة الكوة وكانت ذراعاها في لهفة، وهمس لها أن تقول له الكلام ارتعشت أعضاؤها تنثر كبداً فراها العشق وصعد منها الزفير الأعظم امتدت له كالجسر، وسمع في جسدها غرغرة زجاجةٍ تمنح ماءها، فكان لها الإناء تسكب ويشرب، وكلما قال لها زيدي تزيد وعرقها يتفصد والخباء تنداح أستاره وأسنحته مثل ريحٍ وهو يقول زيدي فتزيد والعرق بينهما ينضح وأوتاد الخباء تتأرجح مثل إعصارٍ يتشبث بالمزق لئلا تنهار وهو في حال الإناء يفيض ويستفيض والزبد يجلل أعطافهما فتصيبهما الإنتحابة فتكون قالت له الكلام كله وقد سمعه ويكون نال متعةً يغتر بها العاشق وتاجاً تتيه به الملوك ثم قالت له : (وأنت، ما تقول في هذا الليل الذي يطول ) فقال لها (الحب)
وكان أول عاشقٍ يكتشف هذه الكلمة، وقيل اخترعها، وذهبت في لغة العرب دالةً على وصف ما لايوصف من خوالج الناس، ولم يدركوا كلمةً بعدها على هذا القدر من الجمال أما ليلى فإنها بعد أن سمعت الكلمة أغمي عليها، ولم تفق حتى يومنا هذا ويروى أن اسمها امتزج بليل المحبين الذي يطول فتتأجج فيه شهوة العشاق ويتفجر جنونهم، وقيل إنه ليل لا نهاية له فذهبت ليلى مثلاً أكثر مما ذهب قيس .