السلام بلغة الآباء القديسين
v "إن كثرة الكلام تهشِّم النفس مهما كانت محصَّنة بخوف الله، وادلهمام النفس ناجمٌ عن عدم تنظيم السيرة، الإعتدال وحفظ النظام الذاتي ينيران الذهن ويطردان التشويش، ينتج من عدم تنظيم السيرة ويظلم النفس والظلام يسبب إشكالاً، أما السلام فينتج من حسن التنظيم، والنور يتولَّد من سلام النفس، ومن السلام يَهُبُ هواءٌ نقيٌ في الذهن".
القديس اسحق السرياني - كتاب نسكيات المقالة الثالثة والسبعون
v "إذا تعوَّدنا الصلاة من كل قلبنا لأجل أعدائنا، وتمرَّسنا على حبِّهم، فإن السلام سيسكن دوماً في نفوسنا، لكن إذا قابلنا أخانا بكرهٍ، أو إذا حكمنا عليه أو أدنَّاه، فإن روحنا ستضطرب وتعتم".
القديس سلوان الآثوسي - في السلام. رقد في 24أيلول 1938
v "إننا نتذكر كيف بعد القداس الإلهي عندما كنَّا نأتيه بحصانه، وبعد جلوسه في العربة، كان الناس يتحلَّقون حوله طالبين بركته، حتى مع هذا الجمع الغفير كانت نفسه ساكنةً في هدأةٍ عظيمة غير منفصلةٍ عن الله، كان انتباهه غير مشتَّت في (عجقةٍ) كهذه، ولم يكن يفقد سلامه لأنه كان يحب البشر ولم يتوقف لحظةً عن الصلاة لهم".
القديس سلوان الآثوسي متحدثاً عن القديس يوحنا كرونشتات - جبل آثوس
صانعوا السلام
v "في ليلةٍ من ليالي الشتاء الباردة، اضطر بعض الأخوة في أحد الأديار أن يسهروا كي ينجزوا عملاً مهماً، إلا أنَّ واحداً منهم - وكان مريضاً - لم يستطع أن يحتمل شدة البرد، فقام وترك عمله وعاد إلى قلايته، فقام أحد الأخوة وقال: "كيف يعود ذلك الأخ إلى قلايته أما أنا فأبقى في العمل والتعب؟" فاضطر الآخرون أن ينادوا الأخ المريض كي يعود إلى العمل من جديد.
ولما مضى الأخ لإبلاغ المتعَب بالرسالة، فمع قرعات يده المتجمدة على الباب بادر ذهنه فكرٌ غريب" هو يجلس هنا في الراحة والدفء ونحن في الخارج نَهلك من البرد؟". حالما سمع الأخ المريض القرع على الباب أوقف صلاته سريعاً، وشدَّد ركبتيه وأمر بصرامةٍ شفتيه ووجهه المنهك بأن يرسما ابتسامةً عريضةً للأخ القادم. فبادره الأخ المُرسل قائلاً: "لقد أرسلني الأخوة كي أسألك عن صحتك، وعن سبب تركك لنا بمفردنا نعمل وسط الصقيع؟".
أدرك الأخ المريض بأن إخوته لم يكونوا فاهمين سوء حالته، وبأنَّ ذهابه إلى قلايته جعل الشرير يغتنم الفرصة ليعبث بهدوء وسلام إخوته الداخلي، فقال للأخ المُرسل: "إنني بخير وأحسَّ بأن شيئاً قد تهاوى في داخله فأمسك بأحد أعمدة الغرفة... تعال نعود إلى العمل".
كان الطريق طويلاً على الأرجل المتعبة، والبرد يعصف بالصدر التالف، أما الجلد فقد اعترته قشعريرة مستمرة، ولكن الوجه كان أبداً مستنيراً. ساعة الوصول إلى مكان العمل، رأى الأخ المريض أمارات الراحة والسلام قد ارتسمت على وجوه إخوته فبادرهم بتحية وانطلق مُجداً في عمله.
مضت الدقائق متثاقلةً، وعصف البرد بالجسد التالف، فأصبحت الأحجار أثقلَ وزناً، أما الأشخاص فبَدو كأشباحٍ خريفية للعيون المتهادية على أجنحة النور، وأنشب الموت أظلافه في القلب المحب، فتهاوى الجسد على الأرض يلفها بسلامه، وكان صمت... وخطَّ الأخوة بدموعهم على قبر أخيهم كتابة قالوا فيها"طوبى لصانعي السلام فإنهم أبناء الله يدعون".
من أخبار وحكم الآباء النساك - نقله عن اليونانية الأب منيف حمصي
v "من هو حكيم وعالم بينكم فلير أعماله بالتصرّف الحسن في وداعة الحكمة، ولكن إن كان لكم غيرة وتحزّب في قلوبكم فلا تفتخروا وتكذبوا على الحق، ليست هذه الحكمة النازلة من فوق بل هي أرضية نفسانية شيطانية، لأنه حيث الغيرة والتحزّب هناك التشويش، وكلُّ أمرٍ رديء، وأما الحكمة التي من فوق فهي أولاً طاهرة ثم مسالمة مترفّعةٌ مذعنة مملوءة رحمةً وأثماراً صالحة عديمة الريب والرياء، وثمر البرِّ يُزرع في السلام من الذين يفعلون السلام" (يعقوب13:3- 18).
v "ليعطك الربُّ الوفاق وفقاً لمشيئته، صلّوا من أجلي أنا الشقي لكي ينير الربُّ عينيَّ الحقيتين لأن له الملك والمجد إلى مدى الدهور آمين".
القديس أفرام السرياني
v "سلامُ العالم يأتي من السلام الداخلي، مؤتمرات السلام لا تجدي".
الشيخ بايسيوس الآثوسي
v "لا تستخدموا على قدر استطاعتكم، وسائل تسبب ضجّة، حتى ولو كانت هذه مسهِّلة بنظر الناس، إن لم يُدخِل الإنسان الهدوء وسط عدم الهدوء، لن يجد الهدوء حتى في الهدوء".
الشيخ بايسيوس الآثوسي
v "تصالح مع نفسك فتتصالح معك السماء والأرض".
القديس اسحق السرياني
v "سأل أحدهم الربّ: يا رب كم مرّةٌ ولأيِّ سببٍ عليَّ أن أنكر ذاتي؟ فأجابه المخلص: كلَّ زمان حياتكَ، وكلَّ لحظة ستنكر نفسك على كلِّ كبيرةٍ وصغيرة، لا تقارن بين الأمور أي ما تعتبره واجبك أو واجبي، بل تنازل عن الكل واترك كلَّ شيءٍ لمشيئتي. وبكلامٍ آخر هل تقدر أنت أن تكون معي وأنا معك إن لم ترفض عالمك الداخلي القديم وإرادتك الذاتيّة؟ فبقدر ما تسرع في تحقّق هذا الرفض لذاتك ستحصل بسرعةٍ أكبر على سلامي...
البعض ينكر ذاته ولكن ليس في كل شيء، إذ يقيمون تمييزاً بين أمورٍ يسلمونها لله وأمورٍ يحبّون أن يقوموا بها بأنفسهم... البعض يعتقد بأنه يقدم ذاته لله في كل شيء، ولكن لاحقاً متى غلبتهم التجارب ييأسون، فيعودون إلى تحقيق إرادة ذواتهم فلا يتقدمون في الفضائل لا بل يخسرون بعض ما عندهم منها... قدِّم لي كل شيء... عندها يتحرر قلبك، عندها تتبدد كالدخان كلُّ الأفكار الباطلة وكل المكابدات والاضطرابات وكلّ الاهتمامات غير المفيدة، عندها يزول الخوف وتموت المحبة الشهوانية الفاسدة.
الإرشمندريت الشيخ إيليا كليوبّا - دير سينما ستريّا رومانيا