أحبنا إلى المنتهى... أحبنا حتى أنه بذل أبنه الوحيد.
والابن الوحيد أطاع حتى الموت... وغسلنا بدمه ليمنحنا الخلاص... أحبنا وبذل الحبيب الأغلى, ليفهمنا كم هو يحبنا.
خلاص مجاني للجميع.. للكبار والصغار.. الأغنياء والفقراء... الصالحون والطالحون... البيض والسود.. كل واحد منا حبيب مميز لدى الله.
سفك يسوع دمه ليغسلنا من آثامنا ويطهرنا... لنصبح أبراراً صالحين جاهزين للملكوت.
أنزل الملكوت من السموات الآن وأسكنه في قلوبنا, منحنا فرحاً لا يوصف... وآماناً وسلاماً في روحنا.
جعلنا نحن الترابيين الأرضيين أبناء لله وإخوة لابن الله. وورثة للملكوت, عطاء لا يوصف ومكانة فوق التصورات ارتقينا لها, مقابل أي شيء حسن فعلناه ؟؟؟!!..
لا شيء.. فقط لأنه أحبنا.
كلنا نلنا نعمة الخلاص.. عطية عظيمة لا توصف منحها الله للبشر, ولكن.. من استطاع أن يحتفظ بهذه النعمة لينعم بالملكوت؟؟
عندما جاء عشرة من البرص عند المسيح وطلبوا الشفاء, طهرهم يسوع من البرص, فرح الجميع وذهبوا..
لم يرجع إلا واحداً سامرياً ليسجد ويشكر ويمجد الرب... وهذا الذي رجع فقط نال الخلاص, لأنه شكر.. إيمانه خلصه..
الكل حصل على النعم، ولكن واحداً فقط نال الخلاص.
زكا عندما أراد اللقاء بيسوع صعد على الشجرة, ولم يبال بأي شيء, يمنعه عن اللقاء بالمسيح, لا قصر قامته أو تمزق ثيابه واتساخها, ولا هزئ وسخرية الناس... فقد كان رئيس الجباة.. فكافأه المسيح فوراً بأن دخل بيته وأقام عنده... لكن المكافأة والهدية الأعظم نالها زكا هي فقط عندما أعلن أمام الجميع تنازله عن نصف أمواله للفقراء.
لقد منحه يسوع الخلاص له ولأهل بيته عندما أحسّ بالفقراء... والمخلع عندما رأى يسوع قوة إيمانه أعطاه فوراً النعمة العظمى: "يا بني مغفورة لك خطاياك".. ثم منحه النعمة الأصغر وهي الشفاء.
أما الشاب الغني فقد حفظ كل الوصايا منذ حداثته، ولكنه لم يتمكن من الحصول على الخلاص , لأنه وضع بينه وبين الخلاص حاجزاً كبيراً وهو المال, فَحُرِم َ من الخلاص, مع أن المسيح أحبه.
ونحن كلنا حصلنا على الخلاص لأن الرب أحبنا.
فهل احتفظنا بهذه العطيّة العظيمة التي وهبها الله لنا مجاناً ؟؟!!
فهل شكرنا الله على النعم المجانية الكثيرة والكثيرة التي تنهال علينا في كل يوم وفي كل لحظة وثانية؟؟؟
هل منحنا لأنفسنا لحظة لقاء حقيقية مع المسيح، كما صنع زكا؟.. وترفّعنا عن كل شيء ونسينا المراكز الاجتماعية وذلّلنا العراقيل التي تعرقل سيرنا نحو المسيح؟؟
هل رأينا بقلوبنا أخوتنا الفقراء أو المرضى, بدل أن نشاهدهم بعيوننا فقط؟!!
هل أججنا نار الإيمان في قلوبنا وقلوب مَن حَولََنا, لنكون معاً عند يسوع كالمخلع وأصدقاءه؟؟؟
هل مددنا يدنا ولمسنا هدب ثوب يسوع بقوةٍ وإيمان ٍ وعزم ٍ كما فعلت نازفة الدم؟؟
فلنعط لأنفسنا ولو لحظات من التأمل.. لنوقظ في نفوسنا إيماننا الغافي النائم.
لنمسح عن عيوننا الغشاوة لنرى ونسمع ونشعر بتأوهات غيرنا.... فلنحتفظ بالخلاص الذي جاءنا عن طريق أعظم تضحية وأعنف الآلام... فلنحاول ولن نفشل, فلنبدأ بالحب الذي كان دافعاً لخلاصنا..
فالذي يحب بصدق لا يقع في الخطايا.
الذي يحب لا يكذب... لا يسرق... لا يظلم... لا يخون.... لا يخدع... لا يتكبر.
فلنفتح قلوبنا للحب... لأنه حجر الأساس في مسيحيتنا... وأبانا هو الحب.. ألسنا نحن ورثة للأب , فلنرث عنه صفة الحب, لنكون أخوة حقيقيين ليسوع رمز الحب.