وأخيراً وجدك
كم كانت نفسي جزعة يا إلهي. وأنا كحمل ضال حينما بحثت عنك بعيداً بينما كنت فى داخلي!
وكلما جذبتني إليك نفسي أواصل البحث عنك بدوافع رغباتي. بينما أنت ساكن في قلبي !
أخذت فى البحث عنك في كل مكان.. في الأحياء فى الطرقات العامة من مدينة هذا العالم ولم أهتد!
ونظرت من حولي, وفي قصور وجهل, سألت رفاقي عن كنز مخبأ في قلبي!
وأطلقت لجميع حواسي العنان, كرسل أوفياء, لتبحث عنك وتطاردك... وبقوتها لم تستطع أن تلحق بك وتدركك وقد تملكتها الدهشة كيف أقتحمت يا إلهي قلبي ودخلته! قالت العين: لو كان ذا لون لرأيته كيف جاز.
قالت الأذن: لو كنت سمعته لعرفته من وقع أقدامه.
قال الأنف: لو تنسمت رائحته لتأكدت من وجوده.
أجاب اللسان: لو استطعت أن أتذوقه لعرفته من طعم مذاقه.
وأجابت اليد: لو كان ذا جسد لاستطعت أن أتحسسه... لكن إلهي كان غير ذلك.
ليس جسما كاملاً جميلاً,
ولا وجهاً وضاءاَ منيراًَ,
ولا نوراً يبهر البصر,
ولا ترنييمة لها صدى ونغم,
ولا زهرة ولا دهناً,
ولا عسلاً ولا مناً,
لا طيباً غالي الثمن ولا شيئاً تتوق النفس أن تتملكه.
فإن بحثت عنك إلهي فلن أستعين بحواسي.
إذا بحثت عنك فإني سأبحث عن نور لم تره عين.
وصوت لم تسمع به أذن.
عطر فائح لن يقوى الأنف على أن يتنسمه.
عذوبة تامة لن يستطيع اللسان أن يعبر عنها.
تآلف حقيقي يتمنى الإنسان لو يحققه.
نور يضيء كل الأبعاد.
كائن فوق حدود الزمن وسرعته.
عطر قوي لن تستطيع الرياح أن تبرد رائحته.
مذاق حلو لمن يتذوقه.
إتحاد وثيق لن تنقطع أوصاله.
... إنه الله الذي أحبه وأبحث عنه.
ولكن لقد بدأت أحبك بعد أن طال بي الوقت.
رحت أبحث عنك وأخيراً وجدتك.
كنت معي ولم أكن معك فقد شغلتني عطاياك عن محبتك