تأمل في جملة للفيلسوف الفرنسي ميشيل دي مونتي (1533 – 1592): "لقد حللت ُ كل رباطاتي وودعت الجميع ولم يبقَ علي سوى أن أودع نفسي"
أعلَم يا نفسي أنك كنت ترقصين في قرحي
وتتألمين حين أبكي
أعلم أنك كنت في عينيي تنظرين شروق الشمس في دنياي
وترتشفين القهوة من شفتيّ
أعلم أنك كنت تستمتعين
بسماع بعض النغمات
وبتراتيل تصدح ألحانها نحو السماء
كنتُ سعيدة برفقتك
وبدفء ورهافة الحسّ لديك
كانت عيناي تدمعان لكل ألم يلمُّ بك
سامحيني يا نفسي
لن أستطيع أن أضمّك ثانية
سوف يأكلني الدودُ والإنتان
وأصبح كفزاعة تقشعرُ لها الأبدان
أرجو أن تغادريني في صمت
دون ألم أو اضطراب
لا يراني أحد من خلاني
ولا تبكي لفراق بعض الأعزاء
أنت تعلمين أني كنت أحبّ هذه الحياة
عشت فيها كأني طيراً في السماء
أحسدك يا نفسي
ستكونين عند البار
في سماء يشع فيها النور
ليلا ونهار
سلمي لي على من أحبّه
على من في عينيه كنت أتأمّل
اشكريه على علامات ودلائل حبّه
كان لطيفاً معي حتى في قسوته
أذكر كيف كان يشاركني أفراحي
ويمسح دمعي ويواسيني في أحزاني
لا تجزعي يا نفسي حين تغادريني
لا بد أنه سيرافقك في هذا المسير
يوصلك حيث الأمان
سبق أن سمعته يقول:
أنا ذاهب أهيئ لكم مكان
أطلت عليك الحديث يا نفسي
لا بد أنك تشعرين ببعض الكاّبة والحزن مثلي
ستسيل دمعة على خدي
عند اقتراب الفراق عني
لن تكون لي الجلادة كي أمسحها
لكني سأذكر صلاةً أحبها
صلاة الابن الذي للاّب رفعها
صلاة من أحبّه ويحبني:
"يا أبت في يديك أستودع روحي"..