السكري مرض مراوغ يتغلغل في الجسم ويدمره، لكنه لم يعد مصدر خطورة كما كان سابقاً، وذلك نتيجة تطوّر الخدمات الطبية والعلاجية.
يستطيع مريض السكري السيطرة على المرض والتخلص منه بسهولة بقليل من التنظيم الغذائي وممارسة الرياضة وتناول الدواء. لكن أسوأ ما في هذا المرض ليس أنه مزمن فحسب لكن يصعب علاج مضاعفاته على المدى البعيد.
ما هو؟
هو اضطراب في عملية التمثيل الغذائي (الأيض) يمنع استهلاك الأنسجة للسكّر (الغلوكوز) الموجود في الدم استهلاكاً كافياً، ذلك لنقص إنتاج هرمون الأنسولين الذي تنتجه غدة البنكرياس أو ضعف فاعليته. من هنا نجد أن المضاعفات التي يسببها السكّر تترتب على وجود هذا الخلل.
نسبه الطبيعيّة
نسبة مستوى السكر في الدم الطبيعية على الريق قبل الأكل (صيام) أقل من 100 ملغ لكل 100سم3 من الدم. تكون الحالة حرجة عندما تصل نسبة السكّر الى ما بين 110 و130 ملغ لكل 100سم3 من الدم. وتعتبر النسبة زائدة ويصنّف الشخص بمريض السكري عندما تكون أعلى من 130 ملغ لكل 100سم3 من الدم.
تكون نسبة مستوى السكّر في الدم الطبيعية بعد تناول الطعام بساعتين أقل من 130 ملغ لكل 100سم3 من الدم، وتكون الحالة حرجة عندما تصل الى ما بين 130 و150 ملغ لكل 100سم3 من الدم، وتعتبر النسبة زائدة ويصنف الشخص بمريض السكري عندما تكون النسبة أعلى من 150 ملغ لكل 100سم3 من الدم.
أنواعه
عموماً، ثمة نوعان من مرض السكري يتميزان بمواصفات خاصة وهما:
النوع الأول
يظهر في سن مبكرة (قبل سن الثلاثين) أو قد يبدأ منذ الطفولة ومعظم المرضى تكون أجسامهم نحيفة.
صفاته
- يكون البنكرياس غير قادر على إنتاج الأنسولين.
- لا يستجيب إلا للعلاج بالأنسولين عن طريق الحقن.
- تظهر أعراض المرض بصورة حادة ومفاجئة وتكون شديدة وواضحة منذ البداية.
- تزيد فرصة حدوث تقلبات حادة بمستوى السكر مثل ارتفاعه الشديد الذي قد يؤدي إلى غيبوبة.
- يعاني الجسم نقصاً شديداًَ في الأنسولين.
- يرجح أن سبب الإصابة بهذا النوع يرجع إلى وجود خطأ مناعي، نتيجة إصابة فيروسية سابقة، ذلك أن الخلايا المسؤولة عن الدفاع عن الجسم ضد غزو الميكروبات أو الأجسام الغريبة تهاجم الجسم نفسه وبالتالي يحدث تدمير لغدة البنكرياس.
- يقلّ انتشار هذا النوع من مرض السكّري بالنسبة إلى النوع الثاني، وتبلغ نسبة الإصابة به حوالى شخص من أصل 400.
- يسمى هذا النوع بسكر الأطفال أو سكر صغار السن، ويسميه الأطباء إكلينيكياً بالسكر الذي يعتمد على العلاج بالأنسولين.
النوع الثاني
يظهر في سن متأخرة (بعد الأربعين) ومعظم المصابين به من أصحاب الأوزان الزائدة.
صفاته
- يستجيب للعلاج بالأنسولين كما يستجيب للعلاج بالحبوب المخفّضة للسكر.
- عادة، تظهر الأعراض تدريجاً وتتّضح مع الوقت.
- تقلّ فرصة الإصابة بتقلبات حادة بمستوى السكر، وتزيد فرصة السيطرة على المرض مقارنة بالنوع الأول.
- يكون البنكرياس قادراً على إنتاج الأنسولين لكن بكميات قليلة، أو تكون الكمية طبيعية لكن مفعولها ضعيف.
- تتعلق الأسباب بالناحية الوراثية أو بزيادة الوزن, ولا سبب واضحاً للإصابة أحياناً.
- يزيد انتشار هذا النوع على النوع الأول بدرجة كبيرة فتبلغ نسبة الإصابة به حوالى شخص من أصل 60.
- يسمى هذا النوع بسكر الكبار، ويسميه الأطباء إكلينيكياً بالسكر الذي يمكن الاستغناء في علاجه عن الأنسولين.
سكري الأطفال
تظهر أعراضه بشكل مفاجئ وسريع، فينخفض وزن الطفل خلال فترة قصيرة ويكثر من شرب الماء ويميل إلى كثرة التبوّل. لا يستجيب هذا النوع إلا للعلاج بالأنسولين.
سكري الكبار
يظهر عادة بين أصحاب الأوزان الزائدة وفي عائلات معينة. لا تظهر أعراضه واضحة أحياناً وقد يُكتشف بطريق الصدفة.
العوامل المساعدة على الإصابة به
يحدث مرض السكري نتيجة تأثير عوامل بيئية مختلفة مثل الإفراط في تناول الطعام، انخفاض معدل النشاط والحركة وزيادة التوتر والانفعال.
يُعتقد بأن العوامل الوراثية تتداخل مع العوامل المعيشية وتزيد تأثيرها وبالتالي زيادة القابلية للإصابة بالسكري ( سكر الكبار).
تشمل العوامل التي تزيد قابلية الإصابة بمرض السكري ما يلي:
- وجود تاريخ عائلي للإصابة بالسكري (العامل الوراثي).
- زيادة الوزن.
- قلة النشاط والحركة.
- التغير في نظام المعيشة (الحياة العصرية).
- العدوى المتكررة.
- بعض الأدوية.
عامل الوراثة
للوراثة دور واضح في الإصابة بمرض السكري بدليل انتشاره بين أفراد عائلات معينة، لكن ما زال هذا الدور غير واضح تماماً. من المرجح أن ما يورث هو القابلية للإصابة، وترسّخ الظروف البيئية هذه القابلية التي تظهر المرض. عموماً، يزيد زواج الأقارب (علاقة الدم) فرص الإصابة بالسكري بحكم العوامل الوراثية. قد يتعرض الأبناء للإصابة بالسكري إذا كان أحد الأبوين مصاباً به وتزيد فرص الإصابة إذا كان كلّ من الأبوين مصاباً به، لذلك ينصح بعدم التزاوج بين المصابين بالسكري.
زيادة الوزن
ثمة علاقة واضحة بين زيادة الوزن والإصابة بالأمراض، على غرار ارتفاع ضغط الدم والكولسترول وتصلب الشرايين والأزمات القلبية والسكري. يرجح أن زيادة الوزن تؤدي إلى الإصابة بالسكري نتيجة نقص عدد ( أو كفاءة ) مستقبلات الأنسولين في الخلايا، أو نتيجة ضعف فاعلية الأنسولين بسبب زيادة الوزن الناتج من الإفراط في تناول الطعام مع الإقلال من النشاط والحركة، أي أن كمية السعرات الحرارية الداخلة إلى الجسم تكون أكبر من السعرات الحرارية الخارجة منه أو المستهلكة، بالتالي يزيد الوزن.
من المعروف أن السعرات الداخلة يجب أن تساوي السعرات الخارجة للاحتفاظ بوزن مثالي للجسم.
لإنقاص الوزن يجب أن تكون السعرات الحرارية الداخلة أقل من الخارجة (أي تقليل الطعام وزيادة الحركة والنشاط) ليُحرق المخزون من الدهون وإنقاص الوزن، لذلك ننصح بالتقليل من كميات الطعام المتناولة عموماً ومن الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية كالسكريات والنشويات والدهون خصوصاً، بالإضافة إلى ممارسة الرياضة بانتظام.
قلّة الحركة
يكون هذا العامل سبباً مباشراً ورئيساً للإصابة بالسمنة وبالتالي الإصابة بالسكري، فالاعتماد على الوسائل التكنولوجية الحديثة يخفّض من الحركة ويساعد على الاحتفاظ بالسعرات الحرارية، لذلك ننصح بزيادة النشاط الحركي وممارسة الرياضة.
أسلوب الحياة العصرية
ترتبط مشاكل صحية ونفسية كثيرة بأسلوب الحياة العصرية الذي يعتمد على وسائل الراحة وزيادة التوتر والضغوط النفسية والانفعالية وسرعة إيقاع الحياة، كذلك زيادة الإقبال على التدخين والوجبات السريعة المليئة بالدهون والسكريات. لا شك في أن هذه العوامل تساعد على الإصابة بالسمنة والسكري وأمراض أخرى متعددة.
العدوى المتكررة
المقصود هو العدوى الفيروسية أو البكتيرية. فقد تبيّن أن تكرار العدوى قد يؤدي إلى ترسيخ الإصابة بالسكري أو قد يحول حالات السكر المختبئ إلى سكر ظاهر.
مضاعفات الأدوية
قد يؤدي تناول أدوية معينة لفترة طويلة إلى الإصابة بالسكري موقتاً، أي أن السكري يعود إلى مستواه الطبيعي بعد التوقف عن تناولها. يرجع السبب في ذلك إلى أن ثمة أدوية تضعف مفعول الأنسولين من بينها: مدرات البول من مجموعة ثيازيد (مثل موديوريتك) الكورتيزون عموماً، بروبرانولول (اندرال) وفينيتون (ايبانوثين) لعلاج الصرع.