سرطان الدم أو الليوكيميا...:
مرض ينشأ في نخاع العظم في الإنسان، فيؤدي إلي إنتاج وتكاثر غير طبيعي لكريات الدم البيضاء، تغزو مجرى الدم فتصيب الإنسان بمجموعة من الأعراض والعلامات المميزة.
من المعروف أن نخاع العظم هو المسؤول عن تصنيع خلايا الدم وإنتاجها. وهناك ثلاثة أنواع رئيسة من خلايا الدم :
خلايا أو كريات الدم البيضاء، وهي المسؤول عن المناعة وحماية الجسم من الجراثيم، وخلايا أو كريات الدم الحمراء، وهي التي تحمل الأكسجين من الرئتين إلى جميع أجزاء الجسم، وتنقل ثاني أكسيد الكربون بعيداً إلى الرئتين حيث يخرج مع الزفير، والصفيحات الدموية التي تساعد في عمليات تخثر الدم .
هذه الأنواع الثلاثة من الخلايا يتم إنتاجها بكميات محسوبة طبقا لحاجة الجسم، وللتغيرات الفسيولوجية والكيميائية التي يمر بها في ظروفه المختلفة.
أما في حالة مرض الليوكيميا فيحدث تكاثر سرطاني للخلايا البيضاء، إذ يتم إنتاج كميات كبيرة من الخلايا في مراحل تكوينها الأولي قبل أن تبلـغ، وهذه الخلايا غير متخصصة وغير قادرة على أداء أية وظيفة مفيدة للجسم.
ومع الإنتاج الكبير لها تغزو الدم فتكون غالبة عليه، ومن هنا جاء الاسم الليوكيميا ويعني ابيضاض الدم أي امتلاؤه بالخلايا البيضاء، ومع كثرة الخلايا وازدحامها في نخاع العظم يعجز النخاع عن أداء وظيفته بالشكل الطبيعي، ويتوقف إنتاج الخلايا السليمة التي تحدثنا عن أنواعها الثلاثة سابقا، فيصبح الجسم معرضا لمجموعة من المضاعفات والمشاكل الصحية حينئذ.
الخلايا السرطانية في حالة الليوكيميا تتجمع في أجزاء كثيرة من الجسم، وأهم ذلك نخاع العظم والخلايا اللمفاوية، ولذلك تظهر على المصاب انتفاخات في مواقع الغدد اللمفاوية في العنق والإبطين وحول الخاصرة.
يمثل مرض الليوكيميا ثلث حالات السرطان في الأطفال، ولكنه يصيب البالغين أكثر.
ومع التقدم الحديث في وسائل التشخيص والعلاج فقد قلَّت حالات الوفاة من مرض الليوكيميا بنسبة 60 % لدى الأطفال وبنسبة 20 % لجميع الأعمار دون الخامسة والستين، ولهذا فقد غدا المرض قابلا للشفاء في أغلب الحالات نظرا لتوفر أنماط جديدة من العلاج .
أنواع الليوكيميا
الليوكيميا ليس مرضا واحدا بل هو عدة أمراض، ويتم تصنيفه طبقا لسرعة حدوثه وتطوره وطبقا لنوع الخلايا المصابة.
الليوكيميا الحادة: وهذا يتطور بسرعة ويتم فيه تكاثر خلايا الدم غير الناضجة بوتيرة متسارعة، وعند غياب العلاج قد تحدث الوفاة في ظرف أسابيع معدودة.
الليوكيميا المزمنة: وهذا يتطور بشكل متدرج والخلايا السرطانية فيه تكون أكثر تطورا من النوع الأول، ويمكن لها أن تؤدي بعض الوظائف الطبيعية، ولكنها تعجز عن مقاومة الجراثيم كما تفعل الخلايا السلمية، كما أنها تعمر أكثر وبذلك يجتمع منها عدد كبير يؤثر على الدم بشكل مباشر. ا
لليوكيميا اللمفاوية: وهذا يصيب نوعا معينا من خلايا الدم يسمى الخلايا اللمفاوية، وهذا النوع من الخلايا مسؤول عن عمليات المناعة بشكل معين.
الليوكيميا النخاعية: وهذا يكون في أنواع أخرى من خلايا الدم الموجودة في النخاع والتي لها دور في مقاومة البكتريا.
ويتم تشخيص المرض لدى المصاب طبقا لما سبق مع بعض التداخل، فتكون الليوكيميا على أربعة أنواع: الليوكيميا اللمفاوية الحادة، والليوكيميا النخاعية الحادة، والليوكيميا اللمفاوية المزمنة، والليوكيميا النخاعية المزمنة.
اللوكيميا الحادة تمثل أقل بقليل من نصف الحالات، والمرض عموما يصيب الذكور أكثر من الإناث، وهو يحدث لشخص واحد من كل عشرة آلاف.
وأما الليوكيميا الحادة وخاصة الليوكيميا اللمفاوية الحادة فهي أكثر حدوثا لدى الأطفال وخصوصا قبل عمر العاشرة.
2 % من مرضى الليوكيميا المزمنة هم من الأطفال، فهي أكثر انتشارا لدى الكبار، وأما متوسط العمر لدى الإصابة بالليوكيميا اللمفاوية المزمنة فهو فوق 70 سنة وفي النخاعية المزمنة 40 إلى 50 سنة.
الأعراض والعلامات
إن أعراض وعلامات الليوكيميا تنتج بشكل أساس من غزو الخلايا المرضية بكميات هائلة نخاع العظم ومجرى الدم، لتشكل عائقا أمام إنتاج الخلايا السليمة وعائقا لجريانها بشكل طبيعي في أنحاء الجسم، وبالتالي فقدها وظائفها الحيوية المهمة.
أهم الأعراض ما يلي :-
الالتهابات البكتيرية والفيروسية المتكررة، وذلك أن نظام المناعة المتعلق بكريات الدم البيضاء يغدو مشلولا وعاجزا عن العمل.
- آلام وانتفاخات في أنحاء الجسم، وذلك أن الخلايا السرطانية المريضة تظل تتكاثر بتسارع غير منضبط فتكون مجموعات من الأورام الخبيثة وخاصة في الغدد اللمفاوية والكبد والطحال، ومن المعروف أن الغدد اللمفاوية تنتشر في أنحاء الجسم وقد تكون سطحية أو في الأحشاء، ومن ذلك نعلم كم يتأثر الجسم بتورمها .
- الصداع والتقيؤ وضعف العضلات، وهذه تنتج من غزو الخلايا المريضة للجهاز العصبي .
- فقر الدم، وذلك أن الخلايا المريضة تعيق -كما سبق- إنتاج الخلايا بجميع أنواعها، وأهم ذلك خلايا الدم الحمراء ومن ثم يعاني المصاب من فقر الدم لقلة الخلايا الحمراء، وتشمل أعراض فقر الدم : الإجهاد والضعف والشحوب وقصر النفس .
- النزف المتكرر: وهذا ينتج من قلة الصفيحات الدموية المسؤولة عن تخثر الدم، ويظهر ذلك على شكل بقع نزفية تحت الجلد .
- أعراض عامة أخرى مثل نقص الوزن وارتفاع الحرارة وكثرة التعرق.
تكون الأعراض في الليوكيميا المزمنة أقل حدة وكثيراً ما يكتشف المرض عند إجراء فحوصات مخبرية للدم لأغراض لا علاقة لها بالمرض، وربما لأغراض روتينية، والحقيقة أن خمس المرضى بالليوكيميا المزمنة لا يحملون أيـة أعراض عند تشخيص المرض فيهم.
التشخيص
أعراض الليوكيميا كما سبق ربما تتشابه مع أعراض لأمراض أخرى أقل خطورة، ولهذا يجري الأطباء فحصا سريريا عاما للتأكد من خلو الجسم من أية أورام وانتفاخات، وخاصة في الغدد اللمفاوية السطحية وكذلك في الكبد والطحال، وأما الفحص المخبري لوظائف الدم فأول ما يجرى من الفحوصات الأولية.
تظهر الليوكيميا في تحليل الدم على هيئة زيادة غير طبيعة في عدد الخلايا أو في تنوعها، وعند الاشتباه في تشخيص الليوكيميا فإنه يحتاج إلى فحوصات مخبرية أكثر تقدما للتأكد من المرض والتعرف على نوع الخلايا السرطانية، وأهم ذلك أخذ عينة من نخاع العظم .
والعظم الذي تؤخذ منه العينة في الغالب هو عظم الحوض لكبره وسهولة الوصول إليه، ويفيد اختبار نخاع العظم للتأكد من التشخيص إذا كانت الفحوصات الأولية غير مؤكدة.
عندما يتأكد تشخيص الليوكيميا فإنه يجرى للمريض فحوصات أخرى للتعرف على درجة المرض ومدى انتشاره.
ومن ذلك :-
عينة من سائل النخاع الشوكي.
- أشعة سينية وِأشعة فوق صوتية وأشعة مقطعية وأشعة الرنين المغناطيسي، وتهدف جميعها إلى التعرف على الأعضاء الداخلية ومدى تأثرها بالمرض.
- عينة للعقد اللمفاوية: فتزال كل الغدة أو يؤخذ جزء منها لمعرفة نوع الخلايا السرطانية.
العلاج
عند تشخيص الليوكيميا الحادة فلابد من الإسراع في العلاج؛ نظرا لسرعة تطور المرض وحدوث المضاعفات.
ويهدف العلاج إلى التخلص من المرض نهائيا بالقضاء على الخلايا السرطانية من الجسم، ويكون الهدف الثاني منع رجوع المرض مرة أخرى.
كثير من المصابين بالليوكيميا الحادة يشفون من المرض، وفي الحقيقة حدثت تطورات إيجابية كبيرة في علاج الليوكيميا اللمفاوية الحادة، والتي تشكل 75 % من الليوكيميا في الأطفال بعد أن كان المرض ميؤوسا من شفائه قبل عقود من الزمن.
وأما الليوكيميا المزمنة فإنه يمكن تأخير العلاج إلى حين ظهور الأعراض، ومع أن المرض لا يشفى منه في كثير من الأحيان إلا أنه يمكن التحكم فيه بدرجة عالية.أبرز أنوع علاجات الليوكيميا:
- العلاج الكيماوي: وهذا يعطي بالفم أو عن طريق الحقن، ويتم إعطاؤه للمريض على شكل دورات علاجية، ويقوم العلاج بالقضاء على الخلايا السرطانية، وهو يجري مع الدم ويصل إلى جميع أنحاء الجسم ما عدا الدماغ والحبل الشوكي، ولهذا يعطى أحيانا عن طريق الحقن مباشرة في الجهاز العصبي المركزي. غير أن أكبر مشاكل هذا النوع من العلاج هو تأثيره على الخلايا السلمية، ومن ذلك تظهر الأعراض الجانبية غير المرغوبة مثل سقوط الشعر. -
العلاج بالأشعة:
وتعطى عن طريق جهاز إشعاع خاص، وهذه الأشعة تقتل الخلايا السرطانية وتوقف نموها، ويمكن أن توجه الأشعة لجميع الجسم أو لأعضاء محدودة منه.- زراعة نخاع العظم:
يتم ذلك بعد تدمير جميع نخاع العظم في الجسم للقضاء على الخلايا السرطانية، وبعد ذلك يعطي المريض نخاع عظم سليم من أحد المتبرعين الذين يتفقون في الصفات الجينية مع المصاب، وقد يعطى المصاب نخاعا سبق أن أخذ منه وعولج بطريقة تقضي على الخلايا السرطانية، فيعاد يزرع إليه مرة أخرى، ويبقى المريض تحت الملاحظة والعناية الخاصة إلى أن يبدأ النخاع الجديد في العمل وإنتاج الخلايا بطريقة طبيعية.
وهناك أنماط حديثة من العلاج مثل ما يسمى بالعلاج الحيوي، ومبدأه إنتاج مواد شبيهة بالمواد التي ينتجها الجسم لتعزيز المناعة الذاتية، ومنها العلاج الجزئي، وهو إنتاج أدوية متقدمة تستهدف الخلايا السرطانية لقتلها ولا تضر بالخلايا الطبيعية.
مــــــــــــنــــــقـــول