في كل المؤسسات الإنسانية والتربوية والعلمية تتردد كلمة مشروع, وهي كلمة متداولة اليوم بشكل واسع إنّ الحديث عن وضع مشروع تربوي في خدمة مرافقة المراهقين، أمر هام ويجب أن نعيره أهمية كبرى لأن فيه بحثا عن هُويّة، وعن معنى، كما إنه يدعو إلى الخلق و الإبداع.
البحث عن هُويّة
لا شك أن مرافقة المراهقين عمل شاق؛ فالاضطرابات النفسية التي يعبثها هؤلاء تجعل التنشيط أمراً صعباً؛ ففوضى الأفكار والمشاعر عند المراهقين يخلق نوعاً من الارتباك لدى المنشطين, ويتساءل هؤلاء:كيف يمكن أن نجد منطقا في الحوار مع المراهقين؟ كيف نتعامل مع تقلّبات طبعهم من حماس إلى يأس وقنوط، من ضَحِكٍ مفرط إلى صمت غريب؟ كيف سنتمكن من إتمام المنهاج المحدد لهم؟ فعندما يشعر المربي بالارتباك و الحيرة يُخشى عندئذ أن يقوم بتنشئة متقطعة تلبي الاهتمامات الآنية للمراهقين, وفي هذه الحال لا يجد المنشِّط أية فائدة من استباق الأمور ووضع أي مشروع, اعتقاداً منه أنّ هذا المشروع لا يؤدي إلى أية نتيجة لأن مخططه مسبقا سيهدم بالتأكيد.
إن الحديث عن مشروع تربوي بين أعضاء الفريق المنشِّط، مع الأخذ بعين الاعتبار صعوبات ومشاكل التنشيط، أمر بالغ الأهمية. إنه يُلزِم بتحديد المهمة المتميزة التي يتطلبها العمل مع المراهقين، وطريقة المرافقة المرجوّة و الممكنة، والنقاط التي يجب التركيز عليها خلال المرافقة، والأولويات التي تهم الرعية إلخ.....
إنّ وضعَ مشروعٍ كهذا يسمح بالخروج من الضياع, وبتوحيد ما يبحث عنه المراهقون والمنشطون معا بشكل غير واضح، وإلى ما يتوقون وماذا سيطلب منهم. ومن المستحسن أن يوضع المشروع كتابة، وأن توضّح فيه نوايا ومتطلبات كل عضو. إنّ المشروع التربوي هو بالتأكيد تعبير عمّا هو غير مؤكد وزائل، وهو لخدمة الإنجازات الآنية والفعّالة, لكنه في الوقت نفسه يؤدي إلى البحث عن إطار دائم وشامل، وإلى تحديد حالة البدء التي دعت إلى وضع المشروع.
ما هي الأمور المطلوبة من المنشِّطين الجُدد، وماذا نعرف عن المراهقين، وما يمكن أن ننتظر ممّن يتأهّل لتنشيط المراهقين؟
_ إن لم يكنِ المنشِّطُ مسيحياً, فعليه أن يكون على الأقل في حالة بحث نشيط عن إيمانه, إذ لا يجوز أن ينقل شكوكه و تساؤلاته إلى المراهقين.
_ أن يشعر بانسجام في كنيسته حتى وإن كان,ككل مسيحي, منتقداً لأعمالها.
_ أن يلتزم بالزمن المحدد له.
_ أن يقبل بأن يكون عضواً في فريق العمل لكي يتمكّن من تصحيح عمله وتقويمه.
_ أن يتأقلم مع الظروف المادية لعمله (الوقت, المكان, الوسائل) وذلك بغية تحسينها.
_ أن يكون مستعدا للمشاركة في المشروع وفي الأعمال التربوية المطروحة.