التلميذ والكذب
مع إطلالة العام الدراسي سنتطرق فيما يلي إلى بعض المشكلات التي يتعرض لها تلاميذ المدرسة الابتدائية، والتي تعتبر مشكلات كثيرة ومتعددة، منها ما يتعلق بالنطق والصعوبات اللفظية والمعوقات الكلامية، ومنها ما يرجع إلى سلوك التلميذ وطريقة تعامله مع الأناس الذين يعيشون معه في بيئة واحدة. مما لاشك فيه أن أشكال السلوك في الكبر تتصل اتصالاً وثيقاً، وترتبط ارتباط عميقاً بحياة الإنسان وهو طفل، وأن النمط الذي يتكيف وفقه مع البيئة في هذه المرحلة هو الذي يحدد معالم خلقه ومهنته وطريقة حياته المستقبلية، كما أن أصول الصحة النفسية تعود كلها إلى هذه المرحلة، وليست غايتنا، وما هدفنا من هذا الكلام إلا التعرف على بعض مشكلات التلاميذ في المدرسة والبيت، وتقديم الإرشاد اللازم والضروري كي يتربوا تربية صحيحة من الناحيتين البدنية والنفسية. وأهم هذه المشكلات :
الكـذب
نظراً لانتشار الكذب وشيوعه بين التلاميذ في المرحلة الابتدائية، ولأهميته البالغة واتصاله بمشكلات أخرى كالسرقة والغش، كان لابد من دراسته وتبيان أنواعه وطرق علاجه والوقاية منه.
ومما تجدر ملاحظته في الكذب توفر النية السليمة لعدم مطابقة القول للواقع، وضد الكذب الصدق والأمانة في القول،وكلها خصال وصفات مكتسبة وليست فطرية، والكذب أسهل الذنوب اقترافاً وأولها حضوراً في ذهن الطفل لأنه يساعده على تغطية كثيرٍ من عيوبه ومخالفاته، ويحسب نفسه قد خرج من مأزق حرج قد وقع فيه،وهناك استعدادان يمهدان ويهيئان الطفل لاتباع عادة الكذب أولها قدرة اللسان وذلاقته وثانيها خصوبة الخيال ونشاطه. وفي الحقيقة إن الكذب عرض ظاهري لعوامل ودوافع نفسية تؤدي إلى ظهوره، لذلك كانت أنواعه متعددة بتعدد تلك الدوافع.
أهم أنواع الكذب
للكذب أنواع عدة نذكر منها:
1 - الكذب الخيالي :
إن خصوبة خيال الطفل وذلاقة لسانه تدفع التلميذ أحياناً لأن يروي ويحكي قصصاً خرافية ويلفق أخباراً عجيبة، مدعياً أنها قصص وأخبار حقيقية، وليس هذا إلا نوعاً من أنواع اللعب يتسلى به الأطفال، ويمكن توجيهه والاستفادة منه في الأدب والتمثيل، ولا داعي للقلق منه لآن الزمن كفيل بعلاجه.
2 - الكذب والالتباس :
وسبب هذا النوع أن الطفل لا يستطيع التمييز بين ما يراه حقيقة واقعة وبين ما يدركه واضحاً في مخيلته، يسمع الطفل حكاية أسطورية أو قصة واقعية سرعان ما تملك عليه مشاعره فيرددها في اليوم التالي ويتحدث عنها وكأنها وقعت بالفعل. لا خوف من هذا النوع من الكذب لأنه يزول تلقائياً عند نضوج الطفل.
3 - الكذب الادعائي :
يبالغ الطفل في وصف تجاربه الخاصة ليحدث لذة ونشوة عند سامعيه، وليجعل نفسه مركز إعجاب وتعظيم، ويشبع نزوعه للسيطرة، كأن يتحدث عن لعبه وملابسه ويفاخر بقوته الجسمية ومقدرته العضلية، دون أن يكون له في الواقع حقيقة. يتولد هذا النوع عن شعور التلميذ بنقصه، وعدم مقدرته على الانسجام مع البيئة التي يعيش فيها، ومن كثرة الإذلال والقمع الواقعين عليه ممن حوله من الذين لا يريدون له الظهور.
4 - الكذب الغرضي أو الأناني :
يلجأ إليه الطفل رغبة في تحقيق غرض شخصي، وسببه عدم توافر ثقة التلميذ بالمعلمين والكبار المحيطين به، نتيجة عدم توافر ثقته بوالديه لكثرة عقابهم له ولوقوفهم سداً منيعاً في سبيل تحقيق رغباته وحاجاته.