سؤال :
هل ضد لاهوت المسيح ، أنه كان يصلى ، و أنه كان أحياناً يتعب ؟
كيف نفسر صلاته و تعبه و أمثال تلك الأمور ؟
الجواب :
أصحاب هذا السؤال يركزون على لاهوت المسيح ، و ينسون ناسوته !
إنه ليس مجرد إله فقط ، و إنما أخذ طبيعة بشرية مثلناً ، ناسوته كاملاً ، بحيث قال عنه الكتاب إنه شابهنا فى كل شئ ماعدا الخطية ( عب 2 : 17 ) . و لولا أنه أخذ طبيعتنا ، ما كان ممكناً أن يوفى العدل الإلهى نيابة عنا .
إنه صلى كإنسان ، وليس كإله ..
لقد قدم لنا الصورة المثلى للإنسان . و لو كان يقدم لنا ذاته مثالاً لذلك صلى ..
و فى صلاته علمنا أن نصلى ، و علمنا كيف نصلى .
و أعطانا فكرة عملية عن أهمية الصلاة و قيمتها فى حياتنا .. و فى بعض صلواته – كما فى بستان جثسيمانى ، عرفنا كيفية الجهاد فى الصلاة ( لو 22 : 44 )
و لو كان المسيح لا يصلى ، لا عتبرت هذه تهمة ضده
و لا عتبره الكتبة و الفريسيون بعيداً عن الحياة الروحية ، و صارلهم بذلك عذر أن لا يتبعوه ، إذ ليست له صلة بالله !
و بنفس الطبيعة البشرية كان يتعب و يجوع و يتألم .
لأنه لو كان لا يتعب و لا يجوع و لا يعطش و لا يتألم ، و لا ينعس و ينام ، ما كنا نستطيع أن نقول أنه إبن للإنسان ،و إنه أخذ لنا ، و أخذ نفس الطبيعة المحكوم عليها بالموت ، لكى بها ينوب عنا فى الموت ، يفدى الإنسان ..
و إنه لم يتعب كغله . فاللاهوت منزه عن التعب .
و لكن هذه الطبيعة البشرية التى اتحد بها لاهوته ، و التى لم ينفصل عنها لحظة واحدة و لا طرفة عين ، هى التى تعبت ، لأنها طبيعة قابلة للتعب .. و السيد المسيح لكى يكون تجسده حقيقة ثابتة ، يمكنها القيام بالفداء ، سار على هذه القاعدة :
لم يسمح أن لاهوته يمنع التعب عن ناسوته .
و ذلك لكى يدفع ثمن خطايانا ، و يكفر عن خطايا الشعب ( عب 2 : 17 ) . و نحن نشكره إذ تحمل التعب و الألم لأجلنا .
و بتعبه قدس التعب ، وصار كل إنسان يكافأ ( 1كو 3 : 8 ) .
------------------------------------
من كتاب سنوات مع أسئلة الناس ( جـ 2 ) لقداسة البابا شنودة الثالث .