شريككم فى الضيقة... وصبره = كلمة صبر تتكرر كثيراً فى هذا السفر. والمسيح يرسل رسائل ويوحنا يكتب لكنائس آسيا الصابرة على إضطهاد دومتيانوس. هنا نرى مثالاً حياً لإحتمال الضيقة والإضطهاد بصبر بل نرى أن الله يكافىء يوحنا على إحتماله وصبره بأنه قد فتح عينيه على أسرار السماء وهناك من يرفض أى ألم وأى ضيقة ويشكو ويتبرم ويتذمر. ولكن من يرفض الضيقة فهو يرفض معها أن يفتح الله عينيه على التعزيات وعلى أسرار محبته. لذلك قال القديس العظيم الأنبا بولا "من يهرب من الضيقة يهرب من الله" فنحن عن طريق الألم والصليب نشترك مع المسيح فى صليبه وبالتالى فى مجده (رو17:8) ولنلاحظ أن أسلوب إبليس الذى يتبعه دائماً فى أثناء الضيقات هو أنه يُصور لنا أن الله تخلى عنا بسبب أنه تركنا فى الضيقة، بل هو فعل هذا حتى مع المسيح فى جوعه، إذ طلب منه أن يطلب من الآب أن يحول له الحجارة إلى خبز. وهكذا يطلب إبليس منى فى كل ضيقة أن أطلب من الله ان يحلها فوراً فإذا لم يستجب الله ويحل المشكلة يأتى التشكيك فى محبة الله. وكان رد المسيح على إبليس "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله" ولنتعلم من هذا الرد أن نجيب إبليس هكذا.... ليس بحل المشكلة فقط يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله. فمن يحتمل ضيقته بصبر واثقاً فى محبة الله وأن كل ما يسمح به هو للخير، يكون ذلك سبباً فى خلاصه وسبباً فى تعزيات كثيرة، وكلما كثرت التعزيات إزداد الإنسان صبراً على ضيقاته. مثل هذا الإنسان يضع الله بينه وبين الضيقة فيتعزى. ولكن هناك من يضع الضيقة بينه وبين الله فيخسر الله ويزداد احساس هذا الانسان بالمرارة. ونلاحظ أن الصبر هو عطية من الله لمن يثق فيه. لقد عانى زكا من قصره. بل ربما كان قصره سبباً فى سخرية الناس منه، لكنه كان سبباً فى خلاصه والمولود أعمى عانى كثيراً ولكن تجربته الأليمة كانت سبباً فى أنه آمن بالسيد المسيح بعد ذلك وخلص.
ولنعلم أن هناك منهجان فى التعامل مع الله فى حياتنا:-
1. أن يشعر الإنسان أنه كإبن لله هو محاط بحب الله وتدليله، وحتى الآلام يحتملها لأنها من يد الله، مثل هذا الإنسان يعيش فى فرح وتنفتح عيناه على محبة الله أكثر وأكثر كل يوم، ويرى يد الله التى تعطيه البركات. وهذا الإنسان لا يتذمر ولا يشكو، فكيف يشكو من حسب الألم هبة من الله (فى29:1). وهذا ما نراه هنا.. فلاحظ قول يوحنا.. كنت فى الجزيرة التى تدعى بطمس = ولم يقل منفياً أو مطروداً من دومتيانوس فهذا قد عرفناه من التاريخ، فهو لا يشتكى ضيقته. لكن هذا لمن كان قلبه نقيا فانفتحت عينيه على محبة الله له، وهذا ما عبر عنه بولس الرسول " محبة المسيح تحصرنا " (2كو5: 14)
2. هناك إنسان آخر يرى الضيقات كأنها كل شىء فى حياته فيشكو ويتذمر ولا يرى بركات الله فى حياته، بينما قد تكون هذه البركات واضحة للآخرين فيحيا حياة التذمر التى تؤدى إلى قسوة القلب، ومثل هذا تعمى عينيه فلا يعود يرى بركات الله ومحبة الله، بل قد يرى أن الله يتعمد الإساءة إليه. مشكلة مثل هذا الانسان ان قلبه ليس نقيا فلم يدرك الله ولا محبة الله " طوبى للأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله " (مت 5: 8)
وعموماً عمل الخدام هو إيضاح محبة الله لكل إنسان ولذلك يسمى بولس الرسول الخدمة أنها خدمة المصالحة مع الله.
وهنا نرى يوحنا فى ضيقته وفى منفاه بعد أن عذبه دومتيانوس بإلقائه فى الزيت المغلى أولاً ثم نفيه... فهل يقول يوحنا أن الله قد تخلى عنى أو أنه لا يحبنى، بل كان يوحنا فى صبره ذا عين مفتوحة على تعزيات السماء التى تصاحب كل من فى ضيقة، بل رأى هذه الرؤيا العجيبة، كما أن أيوب فى ضيقته رأى الرب وحزقيال فى سبيه رأى الرب على عرشه، ويعقوب وهو هارب رأى السلم السمائى لذلك قال شريككم فى الضيقة وفى ملكوت يسوع المسيح انا يوحنا أخوكم = هكذا يخاطب الرسول وهو من الأعمدة أساقفة الكنائس بتواضع فهو وإن كان رسولاً للمسيح إلا أنه يشعر بالأخوة للجميع... "أبانا الذى فى السموات".
آية10 "كنت في الروح في يوم الرب و سمعت ورائي صوتا عظيما كصوت بوق".
كنت فى الروح = إن شرط أن تنفتح عين الإنسان على رؤى الله هو أن يكون فى الروح. والبشر نوعان:-
الإنسان الروحى أو من هو فى الروح والإنسان الشهوانى الجسدانى أى فى الجسد ومن هو فى الجسد يكون مستغرقاً فى شهوته وملذاته ويجتهد فى سبيل إشباعهما، تجذبه شهواته الجسدية للأرض، وكأنه بلا روح. (راجع تفسير 1كو6: 15 – 19)
أما من هو فى الروح فهو يقاوم شهوات جسده، بل يصلب أهواءه وشهواته (غل 24:5) + (غل 20:2). مثل هذا الإنسان يكون كأنه روح بلا جسد وهذه درجات فكلما إزداد الإنسان تقشفاً وزهداً إرتفع فى درجته الروحية ولذلك نجد فلسفة الكنيسة الأرثوذكسية هى زيادة أيام الأصوام لتعطى فرصة للإنسان ليكون فى الروح بصلاته مع صومه. لذلك قال السيد المسيح أن الشيطان لا يخرج إلا بالصلاة والصوم.
ونحن نعلم أن الروح يشتهى ضد الجسد والجسد يشتهى ضد الروح (غل 17:5).
مثال:-المنطاد وهو بالون مملوء بالغاز الخفيف كالهيليوم ومعلق به مركبة تحمل ركاباً ويربطه بالأرض حبال ويوضع به أكياس رمل حتى لا يطير لأعلى. ثم حينما يريد القائد الطيران يلقى بأكياس الرمل ويفك الحبال فيرتفع لأعلى. وكلما تخلص القائد من أكياس الرمل يرتفع أكثر لأعلى وهذا المنطاد هو أنا، وكلما قطعت حبال الخطايا والشهوات التى تربطنى بالأرض أنطلق للسماوات وأكون فى الروح وأعبد الله بروحى (رو 9:1).
وكلما تخلصت من أكياس الرمل (الأكل والشرب والملذات وأحمل الصليب بشكر) كلما كان لى فرصة للتعرف على مناظر السموات.... لماذا ؟
لأنه كلما صار الإنسان فى الروح يسهل على الروح القدس أن يتعامل معه ويخطف روحه أو عقله وقد يغيب بحواسه الطبيعية عما حوله، ويرى أشياء تعلن له من الله (1كو9:2-12) وهكذا حارب الأباء السواح الجسد، فكان لهم فرصة أن يصيروا فى الروح بتقشفهم الزائد. ورأوا مالا يراه البشر العاديين.
وهكذا كان يوحنا المتألم المنفى الذى يحيا فى جزيرة قاحلة يندر فيها الأكل والشرب فصار فى الروح إذ صار الجسد كأنه ميتاً والحياة فى الروح درجات نراها هنا فى سفر الرؤيا:-
1. درجة أقل..... قيل عنها كنت فى الروح وبهذه الدرجة إستطاع يوحنا أن يحصل على رسائل للكنائس السبع.
2. درجة أعلى..... قيل عنها صرت فى الروح (2:4) فيها أعطاه الله إمكانيات روحية أعلى ليرى المستقبل، بل ليرى عرش الله والسماء وهذه الدرجات الروحية هى خروج عن رباطات الحواس الجسدانية التى تجذب الإنسان للأرض. وبهذه الدرجات الروحية رأى بولس السماء الثالثة وقال عن هذه الحالة "أفى الجسد لست أعلم أم خارج الجسد لست أعلم، الله يعلم" (2كو2:12) هى حالة من السمو الروحى.
وكلما تخلى الإنسان المؤمن عن ملذات جسده يسهل تعامل الروح القدس مع روحه ويجذبه لدرجة روحية أعلى. بل أن الله يساعد أحباؤه ببعض الآلام (الصليب الموضوع علينا) حتى يفنى الإنسان الخارجى، حينئذ يتجدد الداخل يوماً فيوم (2 كو 16:4). ويصبح مثل هذا الإنسان فى الروح ويرى إعلانات، لذلك إعتبر بولس الرسول الالم هبة من الله (فى29:1).
فى يوم الرب = أى يوم قيامة الرب يسوع فسمى يوم الرب، وفيه بدأت الكنيسة تقدم فيه عبادتها الإفخارستيا. فيوحنا مع أنه فى المنفى إلا أنه كان يتذكر الصلوات ويصلى فرأى هذه الرؤيا. إذاً يوم الرب هو يوم الأحد تذكار راحة الرب من إعداد الخليقة الجديدة بقيامته ليقيم كنيسته من موتها.
وسمعت ورائى =
1. للتدرج: فيوحنا لن يحتمل رؤية المسيح فى مجده مرة واحدة.
2. لأن الأمور التى سيتحدث عنها محجوبة عن الأعين البشرية.
3. للإعداد، فصوت البوق سيثير الخشوع فى نفس يوحنا فيكون مستعداً أن يرى المسيح. وهذا حدث مع الشعب فى البرية ومع إيليا، فقد كان يسبق رؤية الله أو كلام الله معهم أصوات ورعود... لإثارة الخشوع فيكونوا مستعدين لرؤية الله.
كصوت بوق = يوحنا يشبه الصوت الغريب الذى سمعه بصوت معروف هو صوت البوق. ولماذا كان الصوت يشبه البوق. فيوحنا يعلم أن البوق يستخدم فى:
1. الإنذار بالحروب:- والسفر ملىء بأخبار حروب مستمرة ضد الكنيسة.
2. الرحيل:- والسفر إنذار بأن رحلة الحياة قصيرة.
3. الأعياد:- وهذا السفر يعلن عن أعظم عيد وهو حفل عشاء عرس الخروف حيث نجتمع مع عريسنا فى السماء (رؤ 9:19).
حقاً كان يوحنا غائباً عن كنيسته فى يوم الأحد، يوم سر الإفخارستيا ولكنه كان بالروح شريكاً مع الكنيسة فى الصلاة وشريكاً مع السمائيين فى رؤياه.
آية11 "قائلا انا هو الالف و الياء الاول و الاخر و الذي تراه اكتب في كتاب و ارسل الى السبع الكنائس التي في اسيا الى افسس و الى سميرنا و الى برغامس و الى ثياتيرا و الى ساردس و الى فيلادلفيا و الى لاودكية".
الأول والآخر = (أش 6:44 + 12:48) الإبن هو أول الخليقة أى رأسها ومدبرها وتنازل ليصير عبداً بل ليضرب من عبد رئيس الكهنة. هو إحتضن الخليقة كلها من أولها لآخرها. الأول فليس قبله والآخر فليس بعده، وهو يحوى ويضبط كل شئ.
والكنائس التى أرسلت لها هذه الرسائل هى كنائس حقيقية فى آسيا الصغرى (تركيا) لكن تفهم الرسائل أنها مرسلة لكل الكنيسة عبر الزمان.
آية 12 "فالتفت لانظر الصوت الذي تكلم معي و لما التفت رايت سبع مناير من ذهب".
سبع منابر من ذهب = هم السبع كنائس. وهم مناير لأن الكنيسة هى نور العالم. وهى من ذهب فالذهب رمز للسماويات التى تحياها الكنيسة فالتفت لأنظر الصوت = أى أنظر مصدر الصوت.
آية 13 "و في وسط السبع المناير شبه ابن انسان متسربلا بثوب الى الرجلين و متمنطقا عند ثدييه بمنطقة من ذهب".
من أروع ما يمكن أن نرى المسيح وسط كنيسته يرعاها ويقودها لبر الأمان وسط زوابع إضطهادات هذا العالم، كما كان فى السفينة وكان البحر هائجا ، فلا يمكن ان تغرق السفينة.
شبه إبن إنسان = كان المسيح له شكل إنسان ولكن بسبب المجد الذى صار فيه إذ جلس عن يمين الآب قيل عنه شبه إبن إنسان، ويوحنا تحير إذ أراد وصفه، فهو يشبه المسيح يسوع الذى سبق وعرفه حينما كان على الأرض ولكنه الآن له صورة مجد لم يراها من قبل فقال شبه إبن إنسان.
متسربلاً بثوب إلى الرجلين = هذه ملابس الكهنة، لأن السيد المسيح هو رئيس كهنتنا الأبدى والذى يشفع فينا وسيظل كذلك إلى الأبد.
متمنطقاً عند ثدييه بمنطقة من ذهب = المنطقة عند الثديين هى ملابس القضاة. ونلاحظ أن دانيال حين رأى السيد رآه متمنطقاً بمنطقة عند حقويه (دا 5:10). وذلك لأن دانيال حين رآه كان ذلك فى العهد القديم قبل التجسد، ومن يتمنطق عند حقويه يكون فى وضع الإستعداد لعمل ما فهو إذاً كان يستعد للتجسد. ولكن يوحنا حين رآه فى سفر الرؤيا رآه متمنطقاً عند ثدييه لأنه يستعد لعمله كديان (يو 22:5). والذهب يشير للسماويات، فهو قاض سماوى يدين بحسب قوانين السماء وليس كالبشر. المنائر ذهبية لأنها سماوية (أف6:2 + 12:6) فالذهب رمز للسمائيات فالذهب لا يتحد بشىء من الأرض كالماء والهواء، فلا يصدأ رمزا للسمائيات التى لا تفسد.
آية 14 "و اما راسه و شعره فابيضان كالصوف الابيض كالثلج و عيناه كلهيب نار".
وأما رأسه وشعره فأبيضان كالصوف الأبيض كالثلج
لها تفسيران:
1. الشعر الأبيض رمز الحكمة والأزلية فهو قديم الأيام (دا13:7).
2. الشعر يشير للكنيسة فهى شعر المسيح الملتصق برأسه. فالشعر عدده كثير جداً وملتصق بالرأس، وهو أبيض فالمسيح بررنا وبيضنا بدمه. تغسلنى فأبيض أكثر من الثلج (مز 7:51) + (رؤ 14:7) + (رؤ 5:1) + (أش 18:1).
عيناه كلهيب نار = نرى فيها عريسنا الساهر الذى لا ينعس ولا ينام ولا يقدر أن يخطفنا أحد من يده. ويراها الأشرار حارقة لهم فاحصة لأعماقهم الشريرة.
كيف يبدو المسيح لكل واحد:- راجع (رؤ 6،5:5) فالشيخ قال ليوحنا عن المسيح أنه الأسد الخارج من سبط يهوذا، وحينما نظر يوحنا إليه وجده خروف كأنه مذبوح. وهذا يشير لأن السيد المسيح هو أسد وخروف فى نفس الوقت. أسد فى قوته وإنتصاره على إبليس وخروف فى تقديم نفسه ذبيحة على الصليب. والمسيح يظهر لكل منا بحسب إحتياجه. فهناك من هو فى ضيقة محاط بأعداء أقوياء هذا يحتاج للمسيح كأسد ليحميه ويدافع عنه ولا ينفع مع هذا صورة المسيح الحمل الوديع. ولكن هناك من هو ساقط فى يأس من خطيته، وهذا يحتاج أن يرى المسيح كخروف أو كحمل قدم نفسه ذبيحة عنه ليرفع خطيته، مثل هذا لا تنفع معه صورة المسيح الأسد لأنها سترعبه. وهناك خاطىء مستهتر يحتاج أن يرى صورة المسيح الأسد المفترس (هو14:5) وبهذه الطريقة يمكننا أن نفهم لماذا إختلفت أو قل تعددت صور المسيح التى يظهر بها لكل كنيسة من الكنائس السبع (إصحاحات 3،2) فهو يظهر لكل كنيسة بحسب إحتياج الكنيسة وبحسب حالة كل كنيسة. بل إن صورة المسيح التى يظهر بها للخاطىء فترعبه هى هى نفسها التى يظهر بها للمؤمن فتكون له مصدر قوة وتعزية. فالشرطى فى الليل هو مصدر إطمئنان لفتاة ضعيفة تسير وحدها، وهو مصدر رُعب للص يجول ليسرق وينهب.
فحينما نرى المسيح وله عينان كلهيب نار نراها كمؤمنين فتكون لنا مصدر إطمئنان فهى تحرق خطايانا وشهواتنا، وكلما إحترقت خطايانا فى قلوبنا تزداد المحبة فى قلوبنا إلى أن تلتهب كما بنار. ولكن هذه النظرات النارية تخيف أعداء المسيح، يراها الأشرار فيرتعبون من نظرات الله الفاحصة المخيفة الغاضبة فيقولون للجبال أسقطى علينا (رؤ16:6).
وحينما نسمع صوته كصوت مياه كثيرة نفهمها نحن المؤمنين أنها أصوات التسابيح التى ترددها الكنيسة فى كل مكان، وقد علمهم الروح القدس كيف يسبحون فرحين بكل لسان وكل لغة ومن كل مكان فى العالم. ويسمع الأشرار هذا الصوت فيجدون فيه صوت هدير مرعب كصوت رعد.
وحينما نسمع أن المسيح له سيف ماضٍ ذو حدين يخرج من فمه، فنرى فيه نحن المؤمنين حده الأول الذى يقطع خطاياى المميتة كما يقطع الجراح بمشرطه الورم الخبيث القاتل من جسم الإنسان ليعطيه حياة. ويكون هذا بكلمة الله التى هى سيف ذو حدين (عب12:4) والحياة الجديدة تكون كولادة جديدة (1بط23:1) وكان هذا بكلمة الله. فالحد الأول من السيف يبكت وينذر وينقى ومن يستجيب يحيا (يو25:5) فيولد الإنسان من جديد وإن لم يستجب ويتوب تكون له كلمة الله هى الحد الثانى للسيف وهذا للدينونة (رؤ16:2) + (يو29:5، 48:12).
آية 15 "و رجلاه شبه النحاس النقي كانهما محميتان في اتون و صوته كصوت مياه كثيرة".
رجلاه شبه النحاس = النحاس فى الكتاب المقدس يرمز للدينونة، والمسيح تجسد ليدين الخطية ويطأ إبليس بقوة. فالنحاس يشير لجسد المسيح الذى أتى به ليدين الخطية. كأنهما محميتان بالنار = النار إشارة للاهوت فإلهنا نار آكلة (عب 12: 29) والنحاس المحمى بالنار إشارة لإتحاد اللاهوت بالناسوت. والقدمين يشيران للإمكانية التى يعطيها لنا الرب يسوع لندوس الحيات والعقارب وكل خطية وكل شهوة ردية.
صوته كصوت مياه كثيرة = روح الله يشبه بالمياه (يو39،38:7) وحين يعمل فى كل الذين أتوا من المشارق والمغارب وآمنوا بالمسيح وصار التسبيح لغتهم يشبه هذا بصوت مياه كثيرة أى عمل كثير فى قلوب المؤمنين.
والمسيح لما كان على الأرض لم يسمع أحد فى الشوارع صوته (مت19:12) ولكنه كديان سيكون صوته مرعباً.
آية16 "و معه في يده اليمنى سبعة كواكب و سيف ماض ذو حدين يخرج من فمه و وجهه كالشمس و هي تضيء في قوتها".
معه فى يده اليمنى سبعة كواكب = هم الأساقفة وهم فى يده إشارة لحمايته لهم، هم وأفراد شعبهم. هنا يشبه المسيح نفسه بأم تحمل أطفالها لترعاهم.
واليد اليمنى إشارة لقوة حفظه لنا، فهو يحمى الأساقفة وكنائسهم بقوة. والأساقفة مشبهون بكواكب إذهم نور للعالم يعكسون نور المسيح الذى هو كشمس، هو شمس البر (ملا 2:4).
سيف ماضٍ ذو حدين = السيف ذى الحدين هو كلمة الله (عب 12:4) لذلك نجده هنا يخرج من فمه.
ووجهه كالشمس = هذا تشبيه بشرى عن مجد وبهاء الإبن بعد أن جلس عن يمين أبيه وتمجد. والشمس تشير لأنها نور ونار مطهرة ودفء.
أيات 18،17 " فلما رايته سقطت عند رجليه كميت فوضع يده اليمنى علي قائلا لي لا تخف انا هو الاول و الاخر. و الحي و كنت ميتا و ها انا حي الى ابد الابدين امين و لي مفاتيح الهاوية و الموت".
لا يحتمل بشر مجد المسيح، وهذا حدث مع دانيال من قبل (دا10: 6،8 ) لكن دانيال رآه كمنظر البرق، وهذا لأنه ما زال فى العهد القديم قبل فداء المسيح، اما يوحنا فرآه كالشمس. ومع حزقيال (حز28:1). ومع التلاميذ عند التجلى (مت6:17) والرب من محبته وضع يده اليمنى عليه للطمأنينة والتهدئة من الخوف والرعب وأقامه إذ سقط.
أنا هو الأول والآخر والحى وكنت ميتاً = هذه الآية لا يستطيع أتباع شهود يهوه الرد عليها. فلو قلت لهم أن المسيح قيل عنه إله أو رب قالوا هذه تعنى سيد. ونحن نعترف به سيدا ًولكنه ليس يهوه العظيم. ولكن هذه الآية تحرجهم جداً فلقب الأول والآخر قيل عن يهوه فى (أش6:44) ولكن الحى وكنت ميتاً هذه لا تقال سوى عن المسيح. وبذلك عليهم أن يعترفوا أن المسيح يسوع هو يهوه العظيم الذى تجسد ومات وقام. وهو الديان له مفاتيح الجحيم والموت = له سلطان على الجحيم يغلقه فى وجه أحبائه ويلقى فيه أعدائه. وهنا نرى الطبيعة الواحدة للسيد المسيح فهو الأول والآخر بلاهوته وهو الذى كان ميتاً وقام بناسوته. الحى إلى أبد الآبدين = الحياة هى طبيعتى أما الموت فكان شىء عارض ولن يحدث ثانية.
آية 19،20 " فاكتب ما رايت و ما هو كائن و ما هو عتيد ان يكون بعد هذا، سر السبعة الكواكب التي رايت على يميني و السبع المناير الذهبية السبعة الكواكب هي ملائكة السبع الكنائس و المناير السبع التي رايتها هي السبع الكنائس".
ما رأيت = المسيح وسط كنيسته حاملاً إياها كما تحمل الأم رضيعها وقارن مع (أش12:66) + (يو12:17) لتعرف محبة المسيح وحمايته لكنيسته . ما هو كائن = أحوال الكنيسة (السبع الكنائس) لتعرف أخطائها وتتوب. ما هو عتيد = أى ما سيحدث للكنيسة حتى المجىء الثانى.