المزامير تشمل كل عناصر الصلاة
1. اللجوء إلى الله في الضيقة
داود في كل ضيقته كانت تعزيته في المزامير. وكلمات اشتدت عليه الضيقة يحتمي في مزمور "كثيراً ما حاربوني منذ صباي ولم يقدروا عليّ" هم لم يقدروا عليه لأنه كان يحتمي بالله ويصلي مزاميره. وهو صلى مزاميره هذه في عمق ألامه. ومن هو في ضيقة ويصلي لله بنفس طريقة داود وبكلمات داود فمن المؤكد سيجد تعزية.
فالمزامير تعلمنا أسلوب الحب والشوق والعتاب مع الله، تعلمنا أسلوب الكلام مع الله. وهي تعلمنا كيف نصلي لله بكلام الله. وكيف ننال فضيلة الرجاء وسط الضيقة. فالمؤمن يشعر بوجود الله وسط الضيقة وغير المؤمن يشعر بتخلي الله عنه.
ومن يصلي بالمزامير يقول مع داود في ضيقته "يا رب لماذا كثر الذين يحزنونني.." (الأعداء قد يكونوا أشخاص يضطهدونني أو خطايا وشهوات تحاربني)
2. المزامير فيها تعليم.
المزامير تعطي تعاليماً كثيرة لمن يصليها فمثلاً:
أ- يا رب بالغداة تسمع صوتي (أي في الصباح الباكر).. يا الله إلهي إليك أبكر هذا التعليم يعطي روح التبكير في الصلاة ويوبخ من يصلي متأخراً.
ب- أن يقول داود أنه يسبح الله سبع مرات يومياً وأن يقول كنت أذكرك على فراشي فهذا التعليم يعلمنا أن نذكر الله دائماً حتى على فراش نومنا. مثال آخر محبوب يا رب هو إسمك فهو طول النهار تلاوتي. فهذا يعطي فكرة عن إلتصاق القلب بالله طول النهار. هذه مثل صلوا بلا إنقطاع.. هذا تعليم العهد الجديد.
ت- عطشت نفسي إليك كما يشتاق الأيل إلى جداول المياه تعطي تعليماً عن وجوب اشتياق القلب للصلاة وتبكيت للقلب إذا كان هناك تراخي.
ث- داود الملك الذي يملك كل شئ وله قصره يتكلم عن بيت الله باشتياق ويقول واحدة سألت من الرب وإياها ألتمس أن أسكن في بيت الرب ويتفرس في هيكله المقدس ويقول مساكنك محبوبة أيها الرب إله القوات تشتاق وتذوب نفسي للدخول إلى ديار الرب. هذا يعطينا تعليماً كيف يجب أن نشتاق ونحب الذهاب لبيت الرب وللأديرة. بل نسمع عن الاحترام والخوف حين يدخل مساكن الرب فيقول "بكثرة رحمتك أدخل بيتك.
ج- حين يقول ليكن رفع يدي كذبيحة مسائية أمامك يعلمنا أن نرفع أيدينا في الصلاة. ويكون ذلك على شكل الصليب.. في الليالي إرفعوا أيديكم أيها القديسون وباركوا الرب.
ح- أغسل يدي بالنقاوة وأطوف بمذبحك. تعلمنا ضرورة التوبة والنقاوة قبل أن نأتي للعبادة في بيت الرب.
خ- حين يقول هوذا ما أحسن وما أحلى أن يسكن الإخوة معاً يعلمنا أن نجتمع في حب لنقدم عبادة جماعية.
3. المزامير تعلمنا كيف نطلب الله.
حين يقول من الأعماق صرخت إليك يا رب.. نرى أنه يجب أن نطلب الله في عمق الضيقة، عمق الخطية. والمزامير تعلمنا كيف نطلب وماذا نطلب. وكيف نهتم بالطلبات الروحية. وكيف نطلب مجد الله.
4. المزامير تعلم حياة الشكر.
المزامير تعلمنا الاعتراف بجميل الله والتغني بإحسانات الله وجوده وكرمه.
5. المزامير تعلمنا حياة التسبيح.
فهناك مزامير كثيرة كلها تسابيح بلا أي طلب. هو يصلي لا ليطلب بل ليسبح. الله بالنسبة له هنا ليس وسيلة إنما غاية. هو يريد الله نفسه "أيها الرب ربنا ما أعجب اسمك في الأرض كلها. هو لا يطلب بل يتأمل في الله. وكأنه يقول "أنت غايتي وأنت كفايتي وكفي. ونراه يقول مستعد قلبي يا الله مستعد قلبي أسبح وأرتل في تمجيدي استيقظ يا مجدي استيقظ يا مزمار.. هو يطلب من كل شئ أن يستيقظ لكي يقف أمام الله ويعترف له. هو يريد أن يصحو باكراً وتصحو معه كل الخليقة لتسبح ويصحو معه المزمار والعشرة الأوتار ليعترف للرب بجميله عليه بل داود في جمال تسابيحه يرى الطبيعة كلها تسبح الله.. الفلك والسموات والشمس والقمر والنجوم والأيام والجبال والزهور..
6. المزامير تعلم حياة التسليم.
فهو لا يعتمد على فهمه وحكمته بل يطلب من الله أن يقوده ويرشده "علمني يا رب طرقك" "إهدني في سبيل مستقيم" هو يطلب إرشاد روح الله القدوس أن يقوده ليكن طريقه مستقيماً." فهناك طريق تبدو للإنسان مستقيمة وأخرها طرق الموت" (أم12:14). فالذين بلا مرشد يسقطون كورق الشجر. فالمزامير تعلمنا كيف نصلي.
7. المزامير تعلم حياة الانسحاق
ولأهمية حياة الانسحاق تعلمنا الكنيسة أنه في بداية كل صلاة نصلى صلاة الشكر ثم المزمور الخمسين "إرحمني يا الله كعظيم رحمتك" هنا يقف الإنسان كمذنب أمام الله يطلب الرحمة كمحكوم عليه.. كثرة رأفاتك تمحو إثمي.. لك وحدك أخطأت وأحزنت قلبك وتجاهلت إحساناتك.. فالخطية أي خطية هي موجهة لله لذلك نخاف. ولأن الخطية قذارة يقول إغسلني فأبيض.. فهو يعترف بقذارته وأنه محتاج للغسيل. خطيتي أمامي في كل حين. هذا هو حال النفس المنسحقة أما النفس المتكبرة فتنظر لخطايا الناس. وداود يقول خطيتي أمامي في كل حين بعد أن غفرت خطيته، فالصلاة بدون إنسحاق هي صلاة متكبرة "إن نسينا خطايانا يذكرها الله لنا وإن ذكرنا خطايانا ينساها الله لنا". وهذا التعليم ضد الفرح الزائف الذي يبشر به البعض بأن الله غفر كل خطايانا وأننا خلصنا فهذا يقودنا للكبرياء، بل علينا كل حين أن نذكر خطايانا وننسحق ونبكي ونشعر بإحتياجنا لله. نجني من الدماء يا الله.. هذه تجعلني أحاسب نفسي عن كل واحد أكون قد أعثرته ربما في أيام جهلي وأنسحق بالأكثر حتى لا يطالبني الله بدمه فأنا تبت لكن هم ربما لم يتوبوا بعد.