محبة الله الفائقة المعرفة
يقول قائل: ما الذي يلزم الله بسلوك هذا الطريق الشاق الفائق العقل لفداء بشر خطاة كان يمكن أن يبيدهم ويخلق أفضل منهم؟! إني فعلاً أعذر مقدم هذا السؤال لأنه من ذا الذي يستطيع أن يعرف محبة الله أو يصل إلى بعض أغوارها! والرسول بولس نفسه يقول أنها "فائقة المعرفة" (أفسس 3: 19) ويقول يوحنا الرسول "الْمَحَبَّةَ هِيَ مِنَ اللهِ،....وَمَنْ لاَ يُحِبُّ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ، لأَنَّ اللهَ مَحَبَّةٌ. بِهَذَا أُظْهِرَتْ مَحَبَّةُ اللهِ فِينَا: أَنَّ اللهَ قَدْ أَرْسَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ إلى الْعَالَمِ لِكَيْ نَحْيَا بِهِ. فِي هَذَا هِيَ الْمَحَبَّةُ: لَيْسَ أَنَّنَا نَحْنُ أَحْبَبْنَا اللهَ، بَلْ أَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا، وَأَرْسَلَ ابْنَهُ كَفَّارَةً لِخَطَايَانَا" (1يوحنا 4: 7-10). وقال أيضاً "هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأبديةُ" (يوحنا 3: 16). وقال الرسول بولس "اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا" (رومية 5: 8). إني لا أرى في سؤال السائل اعتراضاً، بل تعجباً، وحق له أن يتعجب لأن الله عجيب في كل شيء لاسيما في المحبة التي هي طبيعته.
هذه المحبة هي التي خططت مشروع الفداء العظيم ونفذته. لماذا؟ "حَسَبَ مَسَرَّةِ مَشِيئَتِهِ، لِمَدْحِ مَجْدِ نِعْمَتِهِ.... حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ.... حَسَبَ مَسَرَّتِهِ الَّتِي قَصَدَهَا فِي نَفْسِهِ" (افسس 1: 5-9). وقد قال الرب يسـوع "وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأرض (أي بالصليب) أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ" (يوحنا 12: 32). ليت قلوبنا تتعمق في محبة الله وتجتذب إليه، وتحصر في محبته فنقول مع الرسول "نَحْنُ نُحِبُّهُ لأَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا أولاً" (1يوحنا 4: 19).