يشعر بعض الناس بأنهم خطاة فيحاولون استرضاء الله بوسائل مختلفة لكي يغفر لهم خطاياهم. فمنهم من يلجأ إلى الأعمال الصالحة, ظناً منهم أنها الطريق المؤدي إلى السماء. ولكن يا صديق, ليتك تنتبه إلى ما يقوله الكتاب المقدس عن هذا الموضوع, فعلى الرغم من أن للأعمال الصالحة قيمة طيبة في حد ذاتها, ولكنها لا تستطيع أن تنال غفران الله عن الخطايا السالفة. هذه الحقيقة أعلنت على لسان إشعياء النبي, حين قال: "قد صرنا كلنا كنجس وكثوب عدة كل أعمال برنا, وقد ذبلنا كورقة وآثامنا كريح تحملنا" (إشعياء 46:6).
وهذه الحقيقة نفسها كشفت للرسول بولس, فكتب لنا وصيته الملهمة بالروح القدس: "ليس من أعمال كي لا يفتخر أحد, لأننا نحن عمله, مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة, قد سبق الله فأعدها لكي نسلك فيها."(رسالة أفسس 2: 9-10)
ونفهم من قول الرسول بولس أن الأعمال الطيبة, التي يقوم بها الإنسان, لا يمكن أن تنيله الخلاص من أجرة الخطية التي هي الموت. لأن لا فضل له فيها, إذ هي من الواجبات الضرورية, التي وضعت عليه, والمسيح نفسه, أشار إلى هذه الحقيقة حين قال: "متى فعلتم كل ما أمرتكم به فقولوا إننا عبيد بطالون, لأننا عملنا ما كان يجب علينا"(الإنجيل بحسب لوقا 7: 10).
صحيح أن الأعمال الصالحة ضرورية جداً, نظرا لتوافقها مع أفكار الله, لكن الأعمال الصالحة لا يمكنها أن تشتري الخلاص, وإلا لحذفت كلمة نعمة من معاجم اللغة. وكلمة نعمة تعني إظهار محبة الله للخطاة إذ أن نعمة الله تخلصهم من الخطية بدون أن يستحقوا ذلك.
إذاً كيف يخلص الإنسان من العقاب الإلهي للخطية?
يقول الكتاب المقدس: "لأنكم بالنعمة أنتم مخلصون بالإيمان...". أي ليس بأي شيء آخر لا أعمال صالحة ولا بطرق أخرى. فقط بالإيمان بالمسيح يسوع يمكن أن ننال طريق السماء أو طريق الحياة الأبدية. كما هو مكتوب أيضاً في الكتاب المقدس: "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له حياة أبدية".
ذلك لا يكفي لنكون مؤمنين. والإيمان ليس شعوراً أو فهما لحقيقة معينة. صحيح أنه يبدأ بالمعرفة والفهم، أي يجب أولاً أن ندرك ما يعلنه لنا الله كي نؤمن بوجوده, أن ندرك خطة خلاصه لنا نحن بني البشر, موت المسيح لأجلنا ليدفع ثمن خطايانا و يخلصنا من الدينونة, ويمنحنا الحياة. ثم نطلب هذا الإيمان بصدق نية وقلب تائب مطيع، فيعطينا إياه, وهكذا يمكننا أن نصرح بشفتينا وبأعمالنا. فحين يطلب أحدنا برهاناً حسياً لمسألة ما ليؤمن ويصدق بعدها, نقول له هذا ليس إيماناً. وذلك لأن الإيمان يجب أن لا يكون عقلياً فحسب بل تصديقاً وثقة في القلب بأن على صاحبهما النفع والفائدة والبركة. فمثل هذا الإيمان يجعلني إنساناً سوياً في مجتمع معوج. ويجعلني أحب أعدائي وأدعو الله لأجلهم. ويغير حياتي و يعطيني امتيازاً عظيماً لا تعطيه معارف العالم المجتمعة.
و هذا الامتياز هو الحياة الأبدية في السماء مع الله كما وعد الله كل من يؤمن به قائلاً : "له يشهد جميع الأنبياء, أن كل من يؤمن به (أي بالمسيح) ينال باسمه غفران الخطايا".