1-- السقوط:
خلق الله الإنسان "على صورته" وأعطاه سلطاناً على الأرض والحيوانات التي تدب عليها وعلى طير السماء وسمك البحر، وأعطاه غذاء يومياً وعملاً ممتعاً وزوجة واحدة وسعادة غير منقوصة وإرادة حرة للتصرف وأوصاه أن لا يأكل من شجرة معرفة الخير والشر، لأنه يوم يأكل منها موتاً يموت ولكن الإنسان عصى أمر ربه وخالف وصيته فاختار الشر وأكل من الثمرة المحرمة عليه فسقط في الخطية.
لقد خص الله آدم بعطيته الثمينة: الإرادة الحرة والعقل، وأعطاه فوق ذلك فرصة لاستخدام هذه الصفات في أفضل الشروط، ولكن آدم أساء استعمال هذا الامتياز فخالف وعصى فلُعِنت الأرض بسببه، وصار يأكل منها بالتعب كل أيام حياته.
الخطية جرّدت آدم من البرّ الذي كان به متوشحاً، وشوهت الصورة التي خلقه الله عليها. اكتسب آدم طبيعة ضعيفة ساقطة، جلبت عليه الخوف والخجل والفساد والموت، وأنجب أبناء على صورته هذه لهم ذات الطبيعة وذات الصفات التي اكتسبوها بالوراثة من أبيهم وصار الجميع خطاة وبالخطية الموت.
ومع أن الله كان يعلم بذلك وهو الذي رسم بريشة الدقة المطلقة خطة الخلاص بالمسيح منذ الأزل، فقد كان سقوط الإنسان وابتعاده عن الله باعثاً ملحاً وحاجة دفعت الرب أن يظهر نفسه للبشر وأن يفتديهم.
2- الضعف البشري:
مات آدم روحياً حال سقوطه في الخطية، وابتعد عن الله، وحجب وجه الخالق عن المخلوق "آثامكم صارت فاصلة بينكم وبين إلهكم وخطاياكم سترت وجهه عنكم حتى لا يسمع "(أشعياء 59: 2).
طُرِدَ آدم من الجنة وأصبح عاجزاً عن اجتيازه تلك الهوة السحيقة التي فصلته عن الله مهما بذل من جهد وعرق.
عجز الإنسان عن إدراك الله وفهمه، وعن إنقاذ نفسه من سلطان الخطية والسمو فوق مشتهيات العالم ومغرياته، وظن أن اجتياز تلك الهوة التي تفصله عن الله يتم بالأعمال الصالحة، جاهلاً أو متجاهلاً أن الجسر الوحيد الذي بناه الله للوصول إليه والتقرب منه تعالى هو صليب الجلجثة "ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد" ولكن بنعمة المسيح.
يؤكد لنا الكتاب أن الدم يكفر عن النفس، ونفس الإنسان ثمينة جداً لا تساويها إلا نفس إنسان بريء، ولكن الجميع أخطأوا وفسدوا وعجزوا بسبب ضعفهم وقصورهم عن التكفير عن خطاياهم فماذا فعل الله لأجل خليقته؟ "هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم" وهذا هو كلمة الله الأزلي قد تجسد وبذل نفسه ذبيحة كفارية كاملة عن الخطية.
3- المحبة:
إن أعظم قوة وهبها الله للإنسان هي قوة المحبة، وهذه تتمثل في اتجاه الإرادة نحو الخير وفى الفعل الذي يجسد هذه الإرادة ويخرج بها إلى حيز الواقع.
لقد أحب المسيح خليقته حباً جماً حتى أنه "بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية". فالمسيح المصلوب عن خطايا وآثام البشر تجسيد رائع لتلك المحبة العميقة، وإلا فماذا يعنى الوحي حين يقول "الله محبة" وقد بين محبته لنا "لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا".
من جانب الإنسان كانت مبادرة العصيان، أما مبادرة المحبة والخلاص فمن الله جاءت، ابتعد الإنسان وحاد عن الطريق التي رسمها له الله، فجاء الله يبحث عن الإنسان ليعيده إلى حظيرته، وكما أن الراعي الصالح لا يمكث في بيته ومنتظراً عودة الخروف الضال عن القطيع بل يذهب ويبحث عنه ويأتي به فرحاً، كذلك فإن الله لم يترك الإنسان الخاطيء فريسة للخطية والموت بل جاء إليه يبحث عنه ويصالحه ويرد له اعتباره كإنسان.
"ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه". وليس أعظم من قوة المحبة التي جعلت الله يتواضع وينـزل إلى عالمنا مولوداً من عذراء في شخص فادينا ومخلصنا يسوع المسيح.