لاحظ شريف أن ابنه قد ارتبط بصداقات شريرة. بعد أن كان ممتازًا في سلوكياته، لطيفًا في تعامله مع والديه، مجتهدًا في دراسته، حريصًا على وقته. لقد تغير حاله تمامًا. صار يشعر كأن البيت سجنًا يريد أن ينطلق دائمًا منه، وإن حضر يقضي ساعات طويلة على التليفون مع أصدقائه. أهمل في دراسته، وصار شرسًا في معاملاته مع أسرته.
v بدأ شريف يتحدث مع ابنه عن الصداقات الشريرة المفسدة للحياة، لكن الابن دافع عن نفسه، أنه يريد أن يحيا، وأن الحياة ليست دراسة وسجنًا في البيت.
روى شريف قصة الجمل الصغير وأصدقاء السوء.
v إذ كان الجمل الصغير مرهقًا اتكأ رأسه على الأرض في صمت، فجاء إليه غرابٍ يقول له: "لماذا تجلس بمفردك أيها الجمل المسكين؟ أراك مرهقًا للغاية بسبب الأحمال التي تُوضع عليك. تعال معي في الغابة القريبة. إننا نعيش معًا في كمال الحرية، نلهو اليوم كله، ونتحدث معًا، ولا نحمل همًّا، ولا نلتزم بمسئولية. نأكل ما نشاء، وننام متى أردنا، لسنا تحت قانون معين، ولا يوجد من يتحكم فينا".
v انطلق الغراب يطير وكان الجمل يجري وراءه حتى دخل الغابة وسار بين الأشجار الكثيفة، وأخيرًا وجد نفسه أما عرين أسد.
خرجت الحيوانات ترحب به، من بينها ثعلب وذئب ثم دخل الجميع إلى عرين الأسد ملك الحيوانات.
- شكلك غريب، لم أشاهد مثلك من قبل. من أنت؟
- أنا جمل صغير وضعيف أطلب صداقتك وحمايتك.
- لا تخف فإنك من اليوم أنت صديق لي.
v فرح الجمل الصغير بهذه الصداقة، فكان يلهو كثيرًا مع أصدقائه الغراب والذئب والثعلب والأسد. ظن الجمل أنه قد نال حريته، يعيش في لهوٍ دائمٍ وحياةٍ سهلة في الغابة، يحميه ملك الحيوانات نفسه.
v في أحد الأيام جاءه الغراب والذئب والثعلب وقد ظهر عليهم علامات الحزن الشديد. ولما سألهم عن السبب قالوا: "لقد دخل الأسد في معركة مع فيل، ضربه الفيل ضربة قوية فامتلأ جسمه بالجراحات، وها هو في عرينه عاجز عن الحركة. هلم نفتقده في مرضه، فإننا لم نرد أن نذهب بدونك.
فرح الجمل الصغير من أجل إخلاص أصدقائه له واهتمامهم به أنهم لا يذهبون إلى الملك بدونه.
v سأل الكل عن صحة الملك الذي كان جائعًا جدًا، وغير قادرٍ على الخروج ليبحث عن طعام. فقد سبق وجاء إليه الغراب والذئب والثعلب وسألوا عنه فقال لهم أنه جائع، فطلبوا منه أن يفترس الجمل ويأكله، لكنه رفض قائلاً: "لقد وعدته أن أحميه فكيف افترسه؟" قالوا له: "لا تخف فإننا سنأتي به إليك، ونطلب منه أن يسألك أن تفترسه".
إذ دخل الجميع وسألوا عن صحته، قال لهم الملك: "إني مريض جدًا كما ترون، وجائع، أعجز عن الخروج لأحضر طعامًا".
v تقدم الغراب وقال له: "ها أنا بين يديك أيها الملك العزيز فأنت صديق وفيّ كنت تقدم لنا طعامًا كل يوم. لتأكلني ولا تموت من الجوع".
للحال تقدم الثعلب وقال: "لا يا جلالة الملك، فإن الغراب صغير جدًا ليس فيه لحم، لا يصلح أن يكون وجبة للملك، وربما تقف عظمة في حنجرتك. لتأكلني أنا. فأنا أرد لك محبتك واهتمامك اليومي بي".
عندئذ تقدم الذئب وقال: "لا تأكل الثعلب يا أيها الملك فإن لحمه دنس، ولا يصلح أن يكون وجبة للملك العزيز، لتأكلني أنا، فأنا وجبة طعام شهية لك. إنه قد حان الوقت لأظهر وفائي لك".
بصوت واحد قال الغراب والثعلب: "لا يا أيها العظيم في الملوك، إن لحم الذئب لا يصلح لك بل يؤذيك!"
v كان الجمل يرى وينصت لكل ما يحدث حوله، عندئذ تقدم إلى الملك يقول ما قاله أصدقاؤه الأشرار: "أيها الملك العزيز والقوي. إنني باسم الصداقة أطلب منك إن كنت لا تقدر أن تأكل الغراب ولا الثعلب ولا الذئب، فاسمح أن تأكلني".
v قبل أن يكمِّل الجمل حديثه صرخ الثلاثة أصدقاء الأشرار: "نعم أيها الملك. اسمع له فيما يقول، فإن ذلك يمثل طعامًا لائقًا بك".
v بغير رحمة وثب الأسد وأصدقاؤه على الحمل وافترسوه. وهكذا راح الحمل المسكين ضحية الصداقة الشريرة.
أبونا تادرس يعقوب